أكَّد صاحب السموّ الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، أنَّ دولة الإمارات تدرك أهمية العمل المشترك، وتوحيد الجهود العالمية لتحقيق التنمية والازدهار، وتؤمن بأنها قادرة، بالتعاون مع مختلف دول العالم، على صياغة مشهد استثماري جديد يتصف بالشمولية والاستدامة والعالمية.

جاء ذلك خلال إلقاء سموّه الكلمة الرئيسية في افتتاح الدورة الـ13 من قمة AIM للاستثمار، التي شارك فيها سموّه كضيف شرف، والتي تستضيفها أبوظبي حتى 9 مايو 2024، تحت شعار «التكيُّف مع تحوُّل المشهد الاستثماري: تسخير إمكانات جديدة لتطوير التنمية الاقتصادية عالمياً»، بمشاركة قادة ووزراء ومسؤولين حكوميين وصنّاع قرار من مختلف دول العالم، إضافةً إلى نخبة من المستثمرين وكبرى شركات الأعمال والشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، والمنظمات الدولية، من أكثر من 175 دولة في العالم.

وسلَّط سموّه، خلال كلمته، الضوءَ على تطوُّر وازدهار مسيرة التنمية والاستثمار في دولة الإمارات على مرِّ الأعوام، وكيف أصبحت بفضل ذلك وجهةً مفضَّلةً ورئيسيةً للاستثمار الأجنبي المباشر عالمياً. وألقى سموّه كلمته بحضور فخامة أندريه راجولينا، رئيس جمهورية مدغشقر، وسموّ الشيخ محمد بن سعود بن صقر القاسمي، ولي عهد رأس الخيمة، وسموّ الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، ومعالي الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير دولة، والشيخ خالد بن سعود بن صقر القاسمي، نائب رئيس مجلس إدارة مكتب الاستثمار والتطوير في رأس الخيمة، ومعالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدِّمة، ومعالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، ومعالي أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية.

وتحدَّث صاحب السموّ الشيخ سعود بن صقر القاسمي عن المسيرة التنموية المتواصلة لدولة الإمارات، وعن الرؤية الطموحة والحكيمة لقيادتها الرشيدة التي أسهمت في تحقيق الإنجازات والنجاحات لشعب الإمارات، قائلاً: «لقد أثبتت دولة الإمارات أنه عندما تجتمع الحكمة والشعور بالواجب مع الرؤية والعمل الجاد، يصبح كلُّ شيء ممكناً». وأشار سموّه إلى التزام صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تجاه شعب الإمارات ومستقبلها، ما يشكِّل مصدراً حقيقياً لإلهام أبناء الوطن، فقد أظهر سموّه للجميع أنه بهذه الرؤية الواضحة والخطة الصحيحة يصبح الحلم حقيقة.

وأكَّد سموّه أنَّ النهضة الاقتصادية التي استطاعت دولة الإمارات تحقيقها اليوم كانت ستبقى مجرّد حلم لولا الجهود المضنية التي بُذِلَت، مشيراً سموّه إلى أنَّ الحلم يبقى حلماً ما لم يرتبط بالعمل الجاد لتحقيقه، ومن دون رؤية استشرافية وخطة عمل مدروسة واستراتيجية جيدة ذات هدف واضح، ربما سيفضي العمل إلى الفوضى وإهدار الموارد.

وعن كيفية تحقيق النهضة الاقتصادية في الدولة، قال سموّه: «قمنا بدايةً بتوجيه مواردنا الاستراتيجية نحو تشييد البنية التحتية وإنشاء مؤسَّسات قويَّة، وركَّزنا في المرحلة الثانية على إرساء البنية التحتية الناعمة؛ بمعنى إنشاء البيئة التنظيمية، والقانونية، والتجارية الكفيلة بكسب ثقة المستثمرين، وثالثاً، وربما الأهم، بذلنا قصارى جهدنا في بناء قدرات كوادرنا البشرية انطلاقاً من إدراكنا بأنَّ تعليم أجيال وقادة المستقبل هو شرط أساسي لتحقيق الازدهار».

وأضاف سموّه: «نراهن على كوادرنا الوطنية وعلى إنجازاتهم المستقبلية من خلال الاستثمار في العلوم والتكنولوجيا والمؤسَّسات التعليمية المتطوِّرة، ونفعل ذلك مع إدراكنا التام بأنَّ التعليم ليس سوى جزءٍ من هذه الرؤية، حيث أثبتنا لأبناء شعبنا والعالم بأسره أننا نتحلّى بالوعي والمسؤولية للتعلُّم من أخطائنا وتحدياتنا، وتصحيح الأخطاء بسرعة لمواصلة المُضي قُدُماً على المسار الصحيح. ومن خلال إظهار المرونة والانفتاح والجرأة، تَمكَّنّا من النهوض بسرعة، واجتذبنا أفضل العقول في العالم لاستكمال قدرات مواهبنا المحلية».

واستعرض سموّه إنجازات دولة الإمارات بالأرقام، مؤكِّداً أنَّ دولة الإمارات تستأثر اليوم بنحو ثلث الاستثمارات الأجنبية المباشرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتبوَّأت المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية من ناحية الاستثمار الأجنبي المباشر في المجالات الجديدة في عام 2023، ما يؤكِّد مكانتنا كوجهة رائدة لأكبر المشاريع في العالم وأنجحها.

وتابع سموّه: «لقد أتاح لنا ذلك الاستثمار إعادة تشكيل اقتصادنا، ونجحنا بخفض حصة النفط في الناتج المحلي الإجمالي الوطني إلى أقل من 30%، وعلاوة على ذلك، نتطلَّع إلى اجتذاب 150 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية بحلول عام 2031، وأن نكون ضمن أفضل 10 وجهات للاستثمار الأجنبي المباشر».

وتطرَّق سموّه في كلمته للحديث عن إمارة رأس الخيمة، ونهضتها التنموية المتواصلة، قائلاً: «أسهم التنوُّع البيئي للإمارة، من الجبال الرائعة إلى الشواطئ الخلابة، في توفير سبل إضافية لازدهار شعب الإمارات، حيث شهد قطاعنا السياحي في عام 2023 نمواً في أعداد الزوّار كان الأكبر في تاريخ الإمارة، ومن المتوقَّع أن يتضاعف هذا العدد بمقدار ثلاث مرات بحلول عام 2030، علماً بأنه حافظ على الارتفاع بنسبة تزيد على 60% خلال السنوات الثماني الماضية».

وأضاف سموّه: «بالتوازي مع ازدهار سمعة الإمارة مركزاً سياحياً رائداً على مستوى العالم، تضاعفت كذلك قيمة معاملاتنا العقارية السنوية عن مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19. وتضاعف إجمالي عدد الشركات المسجّلة في مناطقنا الحرة خلال السنوات العشر الماضية، كل ذلك نتيجة تضاعف حجم التجارة عبر موانئنا بمقدار خمس مرّات خلال الأعوام العشرين الماضية».

واختتم سموّه كلمته بالقول: «الإماراتيون يدركون بالفطرة أنَّ مستقبلنا يتمثَّل في مدِّ جسور العلاقات عبر الحدود. لقد وُلِدنا بهذه العقلية، فنحن دولة اعتمدت طوال تاريخها على التجارة، وأدركنا مدى أهمية، بل وضرورة، أن تكون التنمية جهداً مشتركاً قبل كلِّ شيء، وأنا واثق تماماً بأننا نستطيع معاً صياغة مشهد استثماري جديد لتحقيق نمو شامل ومستدام وعالمي قدر الإمكان، ويسعدني أن أؤكِّد لكم أنَّ دولة الإمارات العربية المتحدة ستضطلع بكامل مسؤوليتها، وتواصل أداء دور محوري في هذا الإطار».

وتهدف القمة، وهي مبادرة مؤسَّسة AIM العالمية، ومنصة الاستثمار الرائدة عالمياً، إلى جمْع القادة العالميين وصنّاع السياسات والمستثمرين ورجال الأعمال والخبراء وكبرى الشركات والمنظمات العالمية لمناقشة ورسم استراتيجيات وسياسات الاستثمار والترويج للفرص الاستثمارية والاقتصادية، وتعزيز العلاقات الاقتصادية الدولية، والخروج بحلول مبتكَرة لمواجهة التحديات والمتغيّرات الحالية والمستقبلية العالمية، وصولاً إلى اقتصاد عالمي مزدهر ومستدام.

وشمل برنامج افتتاح القمة في يومها الأول إلقاء مجموعة من الكلمات الرئيسة والجلسات النقاشية المباشرة لصنّاع السياسات العليا، وكبار رجال الأعمال، بهدف تبادل المعارف والخبرات والرؤى مع المشاركين حول كيفية التكيُّف مع تحوُّلات المشهد الاستثماري العالمي، وإيجاد الحلول لمواجهة التحديات. وضمَّت قائمة المتحدثين مسؤولين وشخصيات اقتصادية مهمة.