أطلق سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي، مشروع إنشاء متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي الذي يُعد الأكبر من نوعه في المنطقة. وسيأخذ المتحف زواره في رحلة عبر الزمن تمتد من قبل 13.8 مليار سنة وصولاً إلى منظور يحفز التفكير في ضمان مستقبل مستدام لكوكب الأرض.
ويساهم المتحف الجديد، الذي يتم إنشاؤه حالياً في منطقة السعديات الثقافية ومن المقرر اكتماله عام 2025، في ترسيخ مكانة المنطقة كواحدة من أهم المراكز الثقافية الرائدة في العالم.
ومن أبرز مقتنيات المتحف الجديد هيكل التيرانوصور الشهير "ستان" الذي يبلغ طوله 39 قدماً (11,7 متراً)، ويعتبر واحداً من أفضل الأحافير المحفوظة وأكثرها دراسةً لهذا الكائن المفترس من أواخر العصر الطباشيري؛ حيث بذل العلماء سنوات من الدراسات العلمية لـ "ستان"، الأمر الذي مكنهم من معرفة الكثير من المعلومات عن حياة هذا النوع من الديناصورات. وسيستمر "ستان"، الذي عاش قبل 67 مليون عام، ومن خلال مقره الجديد في متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي، في دعم جهود الأبحاث العلمية والدراسات على مستوى العالم.
وسينضم إلى "ستان" في المتحف الجديد نيزك "مورشيسون" الذي أتاح للعلماء اكتشاف معلومات جديدة حول بدايات تكوّن النظام الشمسي. ويحتوي النيزك على مجموعة كبيرة من المركبات العضوية "الغبار النجمي"، بالإضافة إلى حبيبات ما قبل المجموعة الشمسية تشكّلت قبل أكثر من 7 مليارات سنة - أي قبل وقت طويل من ظهور نظامنا الشمسي الحالي.
وستضم مجموعة مقتنيات المتحف أيضاً العديد من القطع الأثرية الفريدة، بالإضافة إلى العديد من التجارب المتميزة التي يقوم بتطويرها فريق متخصص في أبوظبي ضمن شراكات استراتيجية مع كبار العلماء والمتخصصين العالميين وخبراء التاريخ الطبيعي.
تولت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي وضع تصور لتطوير متحف التاريخ الطبيعي بالتعاون مع "ميرال"، الشركة المختصة بالتطوير وإدارة الوجهات والتجارب الغامرة. وسيشكّل متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي مؤسسة بحثية وعلمية ومركزاً تعليمياً رائداً للتعرف على قصة تطور كوكبنا، حيث يهدف إلى بناء شغف دائم بالعالم الطبيعي لدى الزوار من جميع الأعمار.
وقال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي: "نحن بحاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لتعزيز الوعي بمستقبل الكوكب وبتأثيرنا عليه. ويتخذ التاريخ الطبيعي موطناً جديداً له هنا في إمارة أبوظبي؛ في متحفٍ يحكي قصة عالمنا عبر مجموعةٍ من أروع العجائب الطبيعية التي عرفتها البشرية. ونحن فخورون بمشاركة هذه الهدايا الرائعة والنادرة التي منحتنا إياها الطبيعة، وبمشاركتها مع العالم نفتتح باباً نحو ملايين السنين من المعرفة ليس فقط لتعزيز الاكتشافات العلمية، إنّما لتحفيز إلهام أطفالنا لحماية مستقبل كوكبنا وضمان استدامته. وبينما نؤسس وندعم جيلاً جديداً من محبي البيئة العالميين الذين لديهم فضول وشغف لاكتشاف التاريخ الطبيعي، إننا نحقق رؤيتنا في ترسيخ مكانة أبوظبي كوجهة مركزية للبحث والتعاون والاكتشاف".
وينضم المتحف الجديد إلى الأصول الثقافية المتنوعة التي تحتضنها منطقة السعديات الثقافية؛ والتي تشمل متحف اللوفر أبوظبي؛ ومتحف زايد الوطني المرتقب؛ ومتحف جوجنهايم أبوظبي. ويندرج افتتاح هذه المتاحف في إطار استراتيجية أبوظبي لإرساء مكانتها كمركز للثقافة والفنون والإبداع.
وسيقدم متحف التاريخ الطبيعي باقة من العروض الاستثنائية، ومجموعة من المقتنيات النادرة، وتجارب تفاعلية تعتمد جميعها على التكنولوجيا المبتكرة. فيتنقل الزوار عبر صالاته في رحلة تسرد بدايات عالمنا ومختلف التطورات التي عاشها؛ بدءاً من تكوين كوكب الأرض وتاريخ الحياة على سطحه، كما سيفتح نافذةً على المستقبل.
بالإضافة إلى التاريخ الطبيعي العالمي، ولأول مرة يستعرض متحفٌ تاريخ الحياة على كوكب الأرض من منظور جديد، حيث سيتعرف الزائر على الأصول الطبيعية المحلية للحيوانات والنباتات، بالإضافة إلى التركيبة الجيولوجية للمنطقة.
وسيكون متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي جزءاً من مجتمع عالمي أوسع من متاحف التاريخ الطبيعي التي تسخر كامل طاقاتها لتثقيف العامة، وإعداد ونشر أبحاث علمية تخدم هذا الهدف. وسيحتضن المتحف مركز بحث علمي عالمي المستوى يجري دراساتٍ في مجالات علم الحيوان، وعلم الحفريات، وعلم البيولوجيا البحرية، والبحوث الجزيئية (علم الحمض النووي، والبروتيوميات)، وعلوم الأرض. ويهدف المركز البحثي إلى تعزيز المعرفة وتطويرها من خلال فهم الماضي والابتكار للمستقبل بالاعتماد على أحدث التقنيات.
وبمساحة تفوق 35 ألف متر مربع، صممت شركة الهندسة المعمارية الرائدة "ميكانو" متحف التاريخ الطبيعي في أبوظبي ليحاكي التكوينات الصخرية الطبيعية، مما يعكس هدفه المتمثل بتعزيز فهم العالم الطبيعي. ويوظف المبنى في تصميمه الهندسة الخماسية كموضوع رئيسي، حيث يحاكي الشكل الخماسي التركيبة الخلوية للعالم الطبيعي. كما تلعب المياه والحياة النباتية دوراً جوهرياً في التصميم، وهما رمزان مهمان للحياة في الصحراء. وبالإضافة إلى مناطق العرض، سيضم المتحف أيضاً مرافق ومساحات عرض مؤقتة للمناسبات الخاصة. علماً أنّ أعمال أساسات البناء والإنشاءات البحرية قد بدأت في موقع متحف التاريخ الطبيعي.
كما سيوفر المتحف الكثير من فرص العمل على المستوى المحلي والإقليمي من خلال تعيين قيّمين لتغطية مختلف مجالات العلوم الطبيعية. علاوة على ذلك، يهدف المتحف إلى استقطاب وتطوير المواهب الشابة وتنميتها كجزء من مساعي أبوظبي لتسريع وتيرة نمو قطاعي الثقافة والصناعات الإبداعية.
وتحتضن منطقة السعديات الثقافية في الأصل متحف اللوفر أبوظبي، المتحف العالمي الشهير الذي صممه المهندس المعماري الفرنسي جان نوفيل الحائز على جائزة بريتزكر العالمية؛ ومنارة السعديات، المركز الثقافي الرائد الذي يساهم بدعم المشهد الفني النابض للمنطقة من خلال المعارض والفعاليات الدولية ذات الصلة، وورش العمل والبرامج الإبداعية.
وستضم المنطقة قريباً متحف زايد الوطني، المتحف الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة؛ وجوجنهايم أبوظبي الذي سيركز على الفن العالمي الحديث والمعاصر؛ و"بيت العائلة الإبراهيمية" الذي سيضم كنيسة ومسجداً وكنيساً تحت سقف صرح واحد لتعزيز قيم التعايش بين العقائد والجنسيات والثقافات المختلفة.