كشفت شركتا «جي42» و«إنفيديا» عن نظام هجين للتنبؤ بالطقس، يمثّل إنجازاً كبيراً في تعاونهما في مجال تكنولوجيا المناخ المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ويستند إلى الشراكة الأولية بين الشركتين التي أسست مختبر «إيرث-2» لتقنيات المناخ في أبوظبي. يوفّر هذا النموذج التوليدي المخصص محاكاةً أسرع وأكفأ وأقل تكلفة، إضافة إلى القدرة على التنبؤ بالظواهر المناخية المتطرفة من خلال دراسة وتعلّم الطبيعة الدقيقة للمنطقة.
وكانت شركة إنسيبشن التابعة لمجموعة جي42، قد طورت نموذجاً مخصصاً من «كورديف» (CorrDiff)، (وهو جزء من منصة «إيرث-2» من «إنفيديا»)، لتوفير تنبؤات مفصّلة بدقة 200 متر لإمارة أبوظبي ومناطق حضرية أخرى. ويُشكّل هذا المستوى الفائق من الدقة معياراً جديداً في المحاكاة الدقيقة للطقس والتنبؤ عالي الدقة المصمم خصيصاً للبيئات الحضرية، ما يمكّن الحكومات والقطاعات والمجتمعات من الاستعداد لتأثيرات الظواهر الجوية المتطرفة من خلال تحذيرات مبكّرة، وإجراءات استجابة فعّالة. وتتولى «كور 42»، شركة البنية التحتية الرقمية التابعة لمجموعة جي42، استضافة المنصة وتوفير خدمات الحوسبة المتسارعة والاستدلال، مستفيدةً من تقنيات «إنفيديا» المتقدمة.
وأجرت جي42 محاكاة شاملة للضباب في دولة الإمارات، ويسهم هذا الإنجاز في تعزيز قدرات التنبؤ بالضباب، ما يؤثر على إنتاجية الأشخاص وسلامتهم في قطاعات النقل والخدمات اللوجستية والسلامة العامة والتأمين والطاقة المتجددة والمرافق. وحققت جي42 تحسينات ملحوظة في السرعة والتكلفة مقارنة بأنظمة التنبؤ التقليدية، من خلال تطوير مستويات السلامة والكفاءة وقدرات إدارة المخاطر. ويعدُّ هذا تقدماً مهماً في تطوير علوم المناخ من الجيل التالي، ويعكس التزام الشركة بتقديم حلول مبتكرة للتخفيف من أثر تغير المناخ، مع دعم الجهود الأوسع لتعزيز الاستدامة في المنطقة.
وقال سعادة الدكتور عبدالله المندوس، المدير العام للمركز الوطني للأرصاد في دولة الإمارات: «يشكّل التنبؤ بالطقس المدعوم بالذكاء الاصطناعي نقلةً نوعية في حلول إدارة الطقس والكوارث، حيث يوفّر دقة غير مسبوقة، لا سيما في ظل التغيرات المناخية المتسارعة. ومن خلال تحسين دقة التوقعات وتوفير تنبؤات محلية في الوقت الفعلي، تمكّن هذه التقنية صناع القرار من اتخاذ قرارات أكثر فاعلية وتعزز القدرة على التكيف مع تحديات المناخ. نحن متحمسون للتعرف على مدى تأثير هذه الابتكارات في دعم الاستدامة وتعزيز الحلول القائمة على البيانات. وفي هذا الإطار، يتبنى المركز الوطني للأرصاد في دولة الإمارات أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطقس وإدارة الكوارث، مما يعزز مكانته في طليعة الجهود العالمية لتعزيز المرونة في مواجهة التقلّبات الجوية والمناخية».
وقال الدكتور أندرو جاكسون، الرئيس التنفيذي لشركة إنسبشن: «حتى يكون الذكاء الاصطناعي أداة تحويلية حقيقية، يجب أن يكون متاحاً للحكومات والقطاعات في مختلف أنحاء العالم. ومن خلال تعاوننا مع (إنفيديا)، نضع قدرات التنبؤ المتطورة في متناول الجهات الأكثر احتياجاً لها. ويتميز (كورديف) بقدرته على التكيّف مع أنماط الطقس المحلية، ما يجعله قادراً على تحسين دقة التنبؤات في دولة الإمارات، فضلاً عن إمكانية تخصيصه لمناطق أخرى في العالم تواجه تحديات مناخية متزايدة. إنَّ توفير تنبؤات دقيقة على المستوى المحلي يمكّن صناع القرار من اتخاذ إجراءات أسرع، والتخطيط بفعالية أكبر، وتعزيز أنظمة أكثر مرونة لمواجهة التقلبات المناخية».
وأضاف: «يمتد تأثير هذا الابتكار إلى مجالات واسعة تتجاوز التنبؤ بالطقس، ليشمل الطيران والتنقّل الحضري وتحسين شبكات الطاقة والتخطيط البيئي. حيث تسهم المعلومات الدقيقة على المستوى المحلي في تقليل تأخير الرحلات الجوية، وتعزيز السلامة على الطرق، وتحسين توزيع مصادر الطاقة المتجددة، ودعم تطوير مدن أكثر تكيّفاً مع التغيرات المناخية».
وقال ديون هاريس، المدير الأول لحلول الحوسبة الفائقة والذكاء الاصطناعي في «إنفيديا»: «أصبحت التنبؤات الجوية فائقة الدقة أمراً بالغ الأهمية لفهم الأنماط والتوزّع الجغرافي للأفراد مع تغيّر المناخ في العالم. تعمل جي42 على تعزيز الابتكار باستخدام منصة (إيرث-2) من (إنفيديا) لتوفير معلومات قابلة للتنفيذ في المناطق الأكثر حاجة إليها».
وأضاف: «تتطلب التنبؤات الجوية قوة حسابية هائلة، لكن الذكاء الاصطناعي أعاد تشكيل المعادلة في هذا المجال، فمن خلال نماذج الذكاء الاصطناعي الفيزيائية المخصصة للنمذجة المناخية عالية الدقة، أصبح بإمكاننا اليوم إنتاج تنبؤات أسرع وأكثر تفصيلاً وأكثر قدرة على التكيف. وتتيح لنا الحوسبة المتسارعة، بفضل قابليتها العالية للتوسع، معالجة كميات ضخمة من البيانات بكفاءة، مما يمكّن القطاعات والحكومات من دراسة أنماط الطقس المتطرفة وفهمها والاستجابة لها بفاعلية أكبر».
يؤكد هذا الإنجاز تنامي الطلب العالمي على حلول الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية. فمع تصاعد وتيرة وشدة الظواهر المناخية المتطرفة، أصبحت التنبؤات الذكية أداة أساسية لتمكين الدول من حماية السكان، وتعزيز متانة البنية التحتية، وبناء اقتصادات أكثر مرونة في مواجهة تقلبات المناخ.
وتدرس جي42 توسيع نطاق هذه التكنولوجيا خارج دولة الإمارات، مع التركيز على المناطق الأكثر عرضة لتغيرات المناخ في الجنوب العالمي، مثل إفريقيا وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا، حيث يمكن أن تكون التنبؤات الدقيقة عاملاً حاسماً في التخفيف من آثار الكوارث.