جمعت دائرة الصحة – أبوظبي، على هامش أسبوع أبوظبي العالمي للصحة 2025، نخبة من المسؤولين الحكوميين الدوليين في جلسة حوارية لقادة الصحة لصياغة إعلان مبادئ حوكمة الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية. وتناولت الجلسة التحديات والفرص الرئيسية لإطلاق قدرات الذكاء الاصطناعي، واستكشفت المبادئ الرئيسية لحوكمة الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية.

ونُظِّمَت الجلسة بالتعاون مع «برايس ووترهاوس كوبرز» الشرق الأوسط، حيث ستُفضي نتائجها إلى تطوير نهج دولي تعاوني يمثِّل مرجعاً للحكومات والنُّظم الصحية والمبتكرين لضمان توظيف الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية بأسلوب قائم على أُسس الشفافية والمسؤولية والشمول.

وقال معالي منصور إبراهيم المنصوري، رئيس دائرة الصحة – أبوظبي: «تَبرز اليوم وأكثر من أيِّ وقت مضى أهمية وضعِ تصوُّر مشترك وتحديد الإجراءات الواجبة لتوظيف الذكاء الاصطناعي بأسلوب قائم على أرقى المبادئ الأخلاقية ووفق أرفع معايير المساواة والسلامة؛ لأنَّ تقنياته لم تَعُد أمراً يتعلَّق بالمستقبل بل ضرورة في عالم اليوم. ففي الوقت الذي يبذل فيه العديد مِنّا جهوداً حثيثة للتكيُّف مع تصاعد دور الذكاء الاصطناعي، لا بدَّ من وضْعِ إطار عمل موحَّد يمكِّن أجيال الغد من التعامل مع الذكاء الاصطناعي بأسلوب مسؤول. لذلك يأتي إعلان مبادئ حوكمة الذكاء الاصطناعي لإطلاق إمكاناته في الرعاية الصحية، ليؤسِّس دليلاً عالمياً يتخطّى في أهميته الأبعاد التجارية، ويعود بالنفع على دول العالم بأسره. فهو ليس مجرّد وثيقة عادية، بل دعوة جماعية للحكومات والمبتكرين وروّاد الرعاية الصحية في العالم».

وسيحدِّد إعلان مبادئ حوكمة الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية القواعد الإرشادية لتوظيف الذكاء الاصطناعي بأسلوب مسؤول، لتحسين المخرجات الصحية وحماية حقوق المرضى. وسيمثِّل الإعلان مرجعاً موثوقاً لإجراءات الحوكمة الموحَّدة يستفيد منه مختلف المعنيين عالمياً.

وقالت سعادة الدكتورة نورة خميس الغيثي، وكيل دائرة الصحة – أبوظبي: «يَبرز اليوم الدور الحيوي الذي يؤدّيه الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، إذ أسهم في تحويل سُبُل تقديم الرعاية وإجراء التشخيص وتحقيق الاكتشافات العلمية، لذلك ندرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا جميعاً مع هذه الإمكانات الكبيرة، ضماناً لتوظيفه بأسلوب مسؤول وفق أرقى المبادئ الأخلاقية. ونحن في أبوظبي نجحنا بالفعل في تسخير قدراته بالشكل المطلوب ووفق المبادئ المذكورة مدعومين بسياسات ولوائح صارمة تحدِّد سُبُل استخدامه، حيث أصبح يُسهم في تحويل البيانات إلى معلومات قيِّمة قابلة للتنفيذ كإجراءات ملموسة تُنقذ حياة المرضى. وتنسجم هذه الجهود مع رؤيتنا بتقديم الرعاية الصحية الدقيقة والاستباقية والشخصية بأسلوب محوره الإنسان، بدعم من التكنولوجيا».

وشدَّد المشاركون في الجلسة الحوارية على الحاجة إلى إطار عمل قانوني وتنظيمي مَرِن لإرشاد التوظيف الآمن والأخلاقي للذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية مع تمكين الابتكار، وتناولوا ضرورة وجود نهجٍ يتمحور حول الإنسان، وضرورة توحيد المعايير، والمحافظة على خصوصية البيانات وموثوقية الاستخدام، والعمل على صقل المهارات، واستقطاب تفاعل المجتمع.

وحدَّدت مخرجات الجلسة الحوارية أُطُر عمل الاختبار الواضحة؛ ضماناً لتلبية أدوات الذكاء الاصطناعي للمعايير السريرية الواقعية، والنُّظم التعاونية التي توحِّد المنظِّمين والمعنيين بالقطاع والمؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني ضمن مختلف المناطق والدول، وضرورة تحقيق الوصول المسؤول للبيانات بأسلوب يحمي الخصوصية ويضمنها ويحدِّد ملكيتها، والعمل على معالجة التفاوت في مهارات الذكاء الاصطناعي من خلال دعم التعليم وتعزيز الوعي ضمن نُظم الرعاية الصحية، وتأهيل الكوادر الصحية للمرحلة الجديدة، إضافةً إلى مواءمة حالات استخدام الذكاء الاصطناعي مع تحديات المرضى والنُّظم على أرض الواقع، واستخدام التكنولوجيا بأسلوب هادف لحلِّ مشكلة فعلية أو تحسين أداء معين، وليس لمجرّد مواكبة ظهورها.

وجمعت الجلسة الحوارية مسؤولين حكوميين وخبراء في الذكاء الاصطناعي، وقيادات تنفيذية في القطاع الصحي، ومؤسسات متعددة الأطراف، لاستكشاف المبادئ والممارسات المشتركة والضرورية لتوظيف الذكاء الاصطناعي بأسلوب مسؤول وفعّال وعادل.

وتنسجم هذه الموضوعات مع منظومة الذكاء الاصطناعي متسارعة النمو في أبوظبي التي تجمع مليارات نقاط البيانات في مجال الصحة، لتحويلها إلى معلومات تقود لإجراءات فعّالة على أرض الواقع.

وتدعم أكاديمية الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، التي أطلقتها دائرة الصحة – أبوظبي، نهج الإمارة للذكاء الاصطناعي عبر تزويد الكوادر الصحية حول العالم بالمعارف النظرية والتدريبات العملية الضرورية لتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي بفاعلية، ما يضع معياراً عالمياً في بناء القدرات. وتقدِّم «ملفي»، أوَّل منصة مبتكَرة لتبادل المعلومات الصحية على مستوى المنطقة، وصولاً آمناً ومباشراً لبيانات المرضى لدى مزوِّدي الخدمات الصحية من القطاعين العام والخاص. ويُعَدُّ هذا التكامل السَّلِس للبيانات أمراً أساسياً لتوظيف أدوات الذكاء الاصطناعي بأمان وكفاءة على نطاق واسع.