في مثل هذا اليوم من العام الماضي، الذي يصادف الثالث عشر من شهر مايو، انتقل قائد مرحلة التمكين وراعي نهضة دولة الإمارات المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيَّب الله ثراه، إلى جوار ربه راضياً مرضياً، تاركاً سيرةً عطرةً من البذل والعطاء والتفاني والإخلاص في خدمة وطنه وشعبه ستبقى ذكرى طيِّبةً على كلِّ لسان، ومحطةً ملهمةً يحفظها التاريخ في كتابٍ من الفخر والاعتزاز، لتنهل منها أجيال الحاضر والمستقبل.   

كان المصاب جللاً والفقد عظيماً والرزء جسيماً في رحيل خليفة الإنسان، خليفة الأب الحاني والأخ السند والعضد الذي وعد فأوفى، وسُئِل فلبّى، وأعطى فأجزل، فتداعت له مشاعر الحزن والأسى من شعوب الأمتين العربية والإسلامية والعالم أجمع، تواسي وتؤازر دولة الإمارات، قيادةً وحكومةً وشعباً، في قَدَرها الذي لا مردَّ لقضائه بفقدان قائدٍ عظيمٍ حرص على رفعةِ شعبه وعِزِّ دولته، وقضى حياته في الارتقاء بوطنه إلى أرقى المصافِّ الحضارية والعالمية، مواصلاً إرثَ الوالد المؤسِّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، في اتخاذ العطاء نهجاً، والسعي في فعل الخير درباً، وغرس القيم الإنسانية خياراً لا مَحيد عنه في تحويل الإمارات إلى عاصمة عالمية رائدة في نشر مبادئ السلام والتعايش والتسامح بين أقطار وشعوب العالم.

ستبقى إنجازات قائد مرحلة التمكين شاهدةً على 18 عاماً من القيادة الحكيمة، أدّى فيها قائد الأمة الأمانة بكلِّ تفانٍ، وبلَّغ فيها الرسالة بكلِّ إخلاص، وأرسى فيها ثوابتَ راسخةً جعلت من الإمارات منارةً تضيء دروب العمل الخيري بأسمى معاني الوفاء للقيم الإنسانية النبيلة؛ فأصبحت راية الوطن خفّاقةً عاليةً في سماء التضامن والتآزر مع شعوب الدول الشقيقة والبلدان الصديقة دون تمييز، لتزرع الإمارات بأياديها البيضاء شجرةً طيبةً في أرض الخير أظلَّت ساحةَ العطاء بظلالها وأدفأت المحتاج بحطبها، وأشبعت الفقير بثمارها، وأغاثت الملهوف بسخائها، في صورة مشرفة تثبت نُبْل الأخلاق وطيب المبادئ وعراقة قيم الكرم والجود لدى أهل الإمارات وشعبها. 

ستبقى ذكرى قائد الوطن وباني نهضته نبضاً لا يُفارق قلوبنا، وستظلُّ مسيرته قصةَ نجاحٍ تُلهمنا لنقتدي بها في مواصلة نهج البذل والعطاء الذي جُبِلنا عليه، وسنشهد ويشهد معنا التاريخ أنَّ بصماته ومواقفه ستبقى نبراساً نهتدي به في المُضي قُدُماً بمسيرة الاتحاد نحو آفاقٍ أكثرَ تقدُّماً وازدهاراً ورفعة، لمواصلة النهضة التي وضع الآباء المؤسِّسون لبنتها الأولى لقيام اتحادٍ متينٍ ركائزه قيم التلاحم الوطني، في تعبير عن أسمى صور الولاء والانتماء إلى وطنٍ تواصل قيادته الرشيدة غَرْسَ روحِ الاتحاد في نفوس أبنائه الذين أقسموا على العهد جنوداً أوفياءَ للتضحية بأرواحهم في سبيل الدفاع عن سلامته، والذود عن سيادته وحماية سؤدده، لضمان استمرار مسيرة الإنجازات وتعزيز المكتسبات الوطنية.