تعكف هيئة البيئة – أبوظبي، بالتعاون مع وزارة الطاقة والبنية التحتية، على تنفيذ مشروع الخريطة الهيدروجيولوجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، والذي يعتبر فريد من نوعه على مستوى منطقة الخليج العربي ويهدف إلى جمع وتصنيف وتحليل كافة البيانات المتاحة عن المياه الجوفية والسطحية، والتي تم الحصول عليها من خلال مشروعات حفر الآبار وحصر الآبار والأبحاث والتقارير ذات الصلة، كما تم استخدام نظم المعلومات الجغرافية للاستفادة من البيانات المتاحة في رسم خرائط رقمية دقيقة وذات جودة عالية.
تشمل هذه البيانات والمعلومات، المياه الجوفية ومواقع الآبار والجيولوجيا والطبوغرافيا واستخدامات الأراضي والمياه السطحية مثل البرك والينابيع والسدود والغطاء النباتي والتربة. يتم تصنيف وتحليل وتفسير هذه البيانات وتحديد الفجوات الموجودة بها واستكمال هذا النقص من خلال إجراء فحوصات وقياسات ميدانية تشمل إجراء تجارب الضخ على عدد من الآبار المختارة، وجمع بيانات عن مناسيب المياه الجوفية وملوحتها، وخصائصها الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والرفع المساحي للآبار، بالإضافة الى معلومات عن الجيولوجيا السطحية واستخدامات الأراضي والمناخ.
ويتم إنتاج الخرائط بمقاييس رسم مختلفة لتحديد نوعية وأبعاد الخزانات الجوفية وأعماقها وسعتها التخزينية، وتحديد أماكن السحب، ومواقع إعادة الشحن لهذه الخزانات، وبالتالي تحديد الخزانات المعرضة للاستنزاف والنضوب أو التملح بسبب زيادة السحب، وتحديد مدى التلوث لهذه الخزانات وأسبابه، والعديد من الخصائص الأخرى التي يمكن عرضها في صورة خرائط.
تمكّن هذه المعلومات صناع القرار في الدولة من الفهم الصحيح للوضع الراهن للخزانات الجوفية لاتخاذ التدابير والإجراءات والسياسات المناسبة لاستغلال هذه الخزانات، والاستخدام المستدام لموارد المياه الجوفية المتاحة وحمايتها من الاستنزاف والتلوث والتخطيط الأمثل لاستخدام الأراضي بصورة أكثر فعالية. كما أن الخريطة الهيدروجيولوجية لدولة الإمارات سوف تساعد على تحديد مواقع الآبار الموجودة، وتحديد مواقع الحفر المستقبلية والمناطق التي تعاني من نقص في البيانات ولا تتوفر معلومات كافية حول المياه الجوفية بها.
قالت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي " المياه الجوفية في دولة الإمارات العربية المتحدة تمثل مصدراً مهماً لتوفير المياه اللازمة للزراعة والغابات، كما إنها ضرورية لضمان الرفاه الاجتماعي للسكان والنمو الاقتصادي، وهو ما يمثل ضغطاً مستمراً على هذا المورد غير المتجدد والقابل للنضوب وزيادة التملح بسبب السحب الجائر، وندرة الأمطار التي تؤدي إلى عدم تجدد موارد المياه الجوفية في معظم مناطق الدولة".
وأشارت سعادة الظاهري إلى أن تلبية الطلب على المياه لجميع القطاعات المستهلكة يمثل تحدياً مستمراً يحتاج إلى الاهتمام الكامل من جميع السلطات المعنية بالدولة لتوفير بيانات دقيقة وعالية الجودة. ولكن قد لا تتوفر هذه البيانات أو لا تصل إلى المخططين والمشرّعين وصناع القرار، وهو ما دفع هيئة البيئة - أبوظبي بالتعاون مع وزارة الطاقة والبنية التحتية لاتخاذ هذه المبادرة المهمة لإعداد وإنشاء أول خريطة هيدروجيولوجية لدولة الإمارات العربية المتحدة لتكون بمثابة مرجعاً دقيقاً وسهلاً لصناع القرار والمشرّعين والباحثين في مجال المياه الجوفية والسطحية".
تتمثل أهمية الخريطة الهيدروجيولوجية في أنها تستعرض الكثير والعديد من البيانات والمعلومات في آن واحد وفي مكان واحد بطريقة واضحة وسهلة، حيث تعرض جميع البيانات والمعلومات المتاحة المتعلقة بالمياه الجوفية والسطحية، مثل أماكن تواجدها وكمياتها وأعماقها ومناسيبها وحركتها وملوحتها وخصائصها الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية ومعدلات الاستخراج منها، ومناطق السحب الجائر أو المناطق المستنزفة، ومناطق التغذية الطبيعية، بالإضافة إلى المعلومات والبيانات ذات العلاقة مثل المناخ ومعدلات سقوط الأمطار، والطبوغرافيا والجيولوجيا السطحية، والتركيبية واستخدامات الأراضي، وأماكن كثافة الآبار وغيرها من البيانات والمعلومات التي تساعد في فهم الوضع الراهن للمياه الجوفية.
كما تفيد الخريطة الهيدروجيولوجية أيضا في توفير النفقات والميزانيات سواء الحكومية أو الخاصة المرصودة لحفر الآبار واستخراج المياه الجوفية من خلال تحديد أماكن كثافة الآبار، وتحديد مناطق الحفر المستقبلية التي لم يتم استكشافها من قبل أو التي تحتاج إلى المزيد من حفر الآبار الاستكشافية لاستكشاف موارد جديدة أو الخزانات الجوفية العميقة التي لم تستغل من قبل.
يستغرق تنفيذ المشروع نحو 42 شهراً من بداية تنفيذ المشروع الذي انطلق في فبراير 2020، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء منه في شهر أغسطس 2023. ويتم التنفيذ على ثلاث مراحل متتابعة، حيث تستمر المرحلة الأولى لمدة 18 شهراً، وتشمل الأعمال الخاصة بجمع البيانات المختلفة وتصنيفها وتحليلها وتفسيرها، وتطوير قاعدة بيانات خاصة بالمشروع، وتشمل أيضا تحديد النقص في البيانات المتاحة، وتحديد المناطق التي تحتاج إلى جمع بيانات ومعلومات عن المياه الجوفية والسطحية ومن ثم إجراء فحوصات وقياسات حقلية لسد هذه الفجوات وإعداد وتجهيز البيانات والمعلومات المطلوبة في صورة رقمية لتمثيلها في صورة خرائط رقمية باستخدام نظام المعلومات الجغرافية، ويتم تقديم نتائج هذه المرحلة في صورة تقارير فنية على مراحل.
تشمل المرحلة الثانية، التي تستمر لمدة 18 شهر، رسم وإنتاج خرائط هيدروجيولوجية لكامل الدولة بمقاييس رسم مختلفة بنظام المعلومات الجغرافية، في حين تشمل المرحلة الثالثة والأخيرة، والتي تستغرق 6 أشهر، إعداد التصميم الجرافيكي للخرائط الرقمية والطباعة ومراجعة المحتوى الفني للخرائط بواسطة محكّم دولي للتأكد من مطابقتها للمعايير الدولية، وإعداد كتيب شرح لكل خريطة مزوّد بالصور والقطاعات والرسوم البيانية، وتوضيح الخصائص الجيولوجية والهيدروجيولوجية والكيميائية للمياه الجوفية، وتصنيف الخزانات الجوفية لكل منطقة والعديد من المعلومات والبيانات الأخرى.
وقد انتهت الهيئة من إعداد التقرير الاستهلالي للمشروع وإعداد منهجية العمل طبقاً للمعايير الدولية، كما تم الانتهاء من مرحلة جمع وتحليل البيانات، وتم إعداد تقرير عن الفجوات الموجودة في البيانات الحالية، وإعداد خطة عمل لسد الفجوات وجمع بيانات عن المناطق، التي لا يوجد بها بيانات أو معلومات عن المياه الجوفية. كما تم إنشاء قاعدة بيانات (مكتبة رقمية) تحتوي على جميع المصادر والتقارير والخرائط والبيانات الرقمية اللازمة للمشروع، والتي يمكن الوصول إليها عن طريق الإنترنت.
ويتم حالياً إجراء أعمال حقلية لسد الفجوات تشمل إجراء تجارب ضخ على عدد من الآبار المناسبة لتحديد المعاملات الهيدروليكية والنفاذية ومعاملات التخزين للخزانات الجوفية في مناطق محددة، ويتم قياس مناسيب المياه الجوفية وجمع عينات من المياه الجوفية وفحصها بالمختبر لمعرفة الخصائص الكيميائية والبيولوجية والاشعاعية.
وتتضمن مخرجات المشروع إعداد خرائط رقمية لدولة الإمارات العربية المتحدة بنظام المعلومات الجغرافية وطباعتها على مقاسات A0 بمقاييس رسم مختلفة، كما سيتم إصدار كتيب مع كل خريطة يشمل شرح وتفسير للخريطة ومعلومات إضافية حول المياه الجوفية.
كما تضمنت المخرجات الرئيسية للمشروع أيضاً تدريب ورفع كفاءة الموظفين المواطنين بالهيئة في مجال إعداد الخرائط باستخدام أحدث التقنيات والبرامج وأنظمة المعلومات الجغرافية، واستخدام المعايير الدولية في إنشاء الخرائط الجيولوجية والهيدروجيولوجية.