اختتمت دولة الإمارات استضافتها للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28) التي استمرت 13 يوماً، بعد دورة تاريخية نجحت خلالها في إرساء معايير جديدة لنجاح العمل المناخي، وحقَّقت تغيُّراً جذرياً في آلية مؤتمرات الأطراف وأجندتها، حيث تمكَّنت الدولة، عبر حنكة إدارتها لمفاوضات المؤتمر ونقاشاته، من إرساء معايير جديدة لنجاح العمل المناخي العالمي، ورسَّخت مكانتها مساهماً رئيساً في بناء مستقبل مستدام للبشرية جمعاء.
ونجح مؤتمر الأطراف (كوب 28) في كسر جمود العمل المناخي، والتوصُّل إلى إجماع بين الدول الأطراف على عدد كبير من الملفات الرئيسة التي ظلَّت عالقة لفترات طويلة في المؤتمرات السابقة، وأنظار العالم تتجه الآن إلى الدورات المقبلة للبناء على ما تحقَّق في دولة الإمارات من توحيد لجهود الدول الأطراف للوصول إلى التوافق المنشود.
واستطاع (كوب 28) البناء على ما تمَّ التوصُّل إليه في (كوب 27) الذي عُقِد في مدينة شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية الشقيقة، من خلال تفعيل صندوق معالجة الخسائر والأضرار الذي أَقرَّ إنشاءه، وتأمين تعهدات مبكرة من الدول لتمويله.
ونجح (كوب 28) في تمهيد الطريق لتحقيق إنجازات في مؤتمرات الأطراف المقبلة، والربط بين مختلف مؤتمرات الأطراف التابعة للأمم المتحدة في مجالات المناخ وحماية الطبيعة. فمثلاً أطلقت رئاسة (كوب 28)، بالتعاون مع جمهورية الصين الشعبية، بصفتها رئيس مؤتمر الأمم المتحدة للأطراف في اتفاقية التنوُّع البيولوجي (CBD COP15) البيان المشترك لـ(كوب 28) بشأن المناخ والطبيعة والإنسان، والذي يضع إطاراً لمنهجيةٍ تُحقِّق التكامل بين العمل المناخي وحماية الطبيعة استعداداً لكلٍّ من مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب 30)، ومؤتمر الأمم المتحدة للأطراف في اتفاقية التنوُّع البيولوجي (CBD COP16)، لضمان تواصل العمل والاستمرارية عبر مؤتمرات الأطراف للتنوُّع الحيوي والمناخ.
سجَّل (كوب 28) إنجازات ستشكِّل إرثاً تاريخياً في العمل المناخي الجاد القائم على الإنجاز والأفعال، ومن أبرز نجاحاته:
- جمع أكثر من 83 مليار دولار في أيامه الخمسة الأولى، ليدشِّن مرحلة جديدة من العمل المناخي.
- إطلاق مجموعة من الإعلانات والتعهدات الأولى من نوعها، تشمل الانتقال إلى أنظمة غذائية مستدامة وإعلانات (كوب 28) بشأن الصحة والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، إضافة إلى مبادرات لخفض الانبعاثات من الصناعات كثيفة الانبعاثات.
- إصدار 11 تعهُّداً وإعلاناً حظيت بدعم استثنائي واسع النطاق.
- توصَّلت رئاسة (كوب 28) في اليوم الأول من المؤتمر إلى اتفاق تاريخي لتفعيل صندوق عالمي يختص بالمناخ ومعالجة تداعياته، وقُدِّمَت تعهدات دولية لتمويله بقيمة 792 مليون دولار.
- o أُعلِن عن تعهُّدات دولية بقيمة 5 مليارات دولار لتجديد موارد صندوق المناخ الأخضر.
- o أُعلِن عن تقديم 134 مليون دولار لصندوق التكيُّف.
- o أُعلِن عن تقديم 3 مليون دولار لصندوق البلدان الأقل نمواً.
- o أُعلِن عن تقديم 31 مليون دولار للصندوق الخاص بتغيُّر المناخ.
- أطلقت دولة الإمارات صندوقاً للاستثمار المناخي برأس مال تحفيزي بقيمة 30 مليار دولار، تحت اسم «ألتيرّا»، يركِّز على اجتذاب التمويل الخاص وتحفيزه، ويهدف الصندوق إلى جمع وتحفيز 250 مليار دولار إضافية على مستوى العالم. وأُعلِن عن تخصيص 200 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة إلى «الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة»، و150 مليون دولار لأمن المياه.
- أعلن البنك الدولي عن زيادة قدرها 9 مليارات دولار سنوياً (للعامين 2024 و2025) لتمويل المشروعات المتعلقة بالمناخ، وأعلنت بنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى عن زيادة إضافية في الدعم المقدَّم للعمل المناخي بقيمة تتجاوز 22.6 مليار دولار.
- تفعيل دور الشباب في المفاوضات المناخية الدولية، وتعزيز مشاركتهم في عملية صنع القرار بشأن سياسات المناخ الدولية من خلال تكليف معالي شمّا المزروعي بمهمة رائدة المناخ للشباب، واختيار 100 شاب لبرنامج مندوبي الشباب الدولي للمناخ لحضور (كوب 28) من الدول الجُزرية الصغيرة النامية، والدول الأقل نمواً والشعوب الأصلية.
- عزَّزت رئاسة (كوب 28) مساهمة المرأة في قضايا التغيُّر المناخي، والبحث عن حلول مستدامة عالمياً لهذا التحدي، حيث وفَّرت المساعدة المالية لتحفيز حضور الوفود النسائية بشكل أكبر، وإقامة دورات تدريبية فنية. وشهد يوم المساواة بين الجنسين في (كوب 28) إعلان رئاسة المؤتمر عن شراكة جديدة تهدف إلى تحقيق انتقال منظَّم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة يراعي النوع الاجتماعي، ودَعَمَ هذه الشراكة أكثر من 60 طرفاً.
الطبيعة:
- انضمام 30 دولة إلى «تحالف القُرم من أجل المناخ» الذي أُطلِق بالشراكة بين دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا في (كوب 27)، بهدف بناء زخم عالمي لتعزيز العمل المناخي، ليصبح بذلك إجمالي الدول الأعضاء في التحالف 37 دولة تضمُّ أكثر من 60% من أشجار القُرم في العالم.
- توقيع 21 دولة رسمياً على مبادرة «تنمية القُرم»، وهي جهد تعاوني بين التحالف العالمي لأشجار القُرم ومكتب روّاد الأمم المتحدة للمناخ، بهدف حماية وتنمية 15 مليون هكتار من أشجار القُرم على مستوى العالم بحلول عام 2030 بتمويل قيمته 4 مليارات دولار.
- تكريم دولة الإمارات لكل زائر ومشارك بالمؤتمر بهدية تمتد جذورها في تربة الدولة، تتمثَّل بزراعة عشر أشجار قُرم، وتعكس الهدية التزام الدولة بتحقيق الحياد المناخي، وتعزيز اتباع الحلول المبنية على الطبيعة للحد من تداعيات تغيُّر المناخ، وخفض البصمة البيئية لزوّار المؤتمر.
- إطلاق مبادرة تنمية المحيطات الهادفة لدعم الحياة البحرية بالتزامن مع خفض الانبعاثات.
- تبنّي أنماط زراعية مستدامة وذكية مناخياً تستند في مجملها إلى التقنيات والحلول المبتكرة، كالزراعة المحمية والمائية والعضوية، والعمودية، وتوفير حلول مستدامة، إضافة إلى الاهتمام بالبحوث العلمية في المجال الزراعي، للتغلُّب على التحديات التي تواجه هذا القطاع، مثل ندرة موارد المياه، والأراضي غير الصالحة للزراعة، وملوحة التربة، وارتفاع درجات الحرارة.
من أبرز التفاصيل الخاصة بالتعهدات والإعلانات التي صدرت في مؤتمر الأطراف (كوب 28):
- إقرار تعهُّد (كوب 28) لزيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ومضاعفة كفاءة الطاقةمن جانب 130 دولة.
- إقرار إعلان (كوب 28) الإمارات بشأن النظم الغذائية والزراعة المستدامة والعمل المناخيمن جانب 150 دولة.
- إقرار إعلان (كوب 28) الإمارات بشأن المناخ والصحةمن جانب 141 دولة.
- إقرار إعلان (كوب 28) الإمارات بشأن التمويل المناخي من جانب 13 دولة.
- إقرار تعهُّد التبريد العالميمن جانب 66 دولة.
- إقرار إعلان (كوب 28) الإمارات بشأن المناخ والإغاثة والتعافي والسلاممن جانب 78 دولة و40 منظمة.
- إقرار إعلان (كوب 28) الإمارات بشأن الهيدروجين منخفض الانبعاثات ومشتقاته من جانب 37 دولة.
- إقرار إعلان (كوب 28) الإمارات بشأن مراعاة المساواة بين الجنسين في التحولات الداعمة للعمل المناخي من جانب 77 دولة.
- إقرارتعهُّد تحالف «الشراكات متعددة المستويات عالية الطموح» (CHAMP) من جانب 67 دولة.
- شهِد ميثاق (كوب 28) لخفض انبعاثات قطاع النفط والغازانضمام 52 شركة، تمثِّل 40% من إنتاج النفط العالمي.
- إقرار مسرِّع الانتقال الصناعي 35 شركة وستة اتحادات صناعية، منها الرابطة العالمية للصلب، والمعهد الدولي للألمنيوم، والتحالف العالمي للطاقة المتجددة، الجمعية العالمية للأسمنت والخرسانة، والمبادرة المناخية لقطاع النفط والغاز، والاتحاد الدولي للنقل الجوي.
- إقرار البيان المشترك لـ(كوب 28) بشأن المناخ والطبيعة والإنسان وحصوله على دعم 18 دولة و11 شراكة للتنوُّع البيولوجي.
وبخصوص الإسهامات المالية المقدَّمة لدعم العمل المناخي في (كوب 28) فهي:
- التمويل المناخي: 30 مليار دولار من دولة الإمارات (إضافة إلى 200 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة للدولة و31.6 مليار دولار من بنوك التنمية متعدِّدة الأطراف).
- زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة: 5 مليارات دولار.
- صندوق المناخ الأخضر: 3.5 مليارات دولار (زيادة التجديد الثاني للموارد إلى 12.8 مليار دولار).
- تطوير النظم الغذائية والزراعية: 3.1 مليارات دولار.
- الصحة: 2.9 مليار دولار.
- حماية الطبيعة: 2.6 مليار دولار.
- الإغاثة والتعافي والسلام: 1.2 مليار دولار.
- الحدّ من انبعاثات غاز الميثان: 1.2 مليار دولار.
- الصندوق العالمي للمناخ المختص بمعالجة التداعيات: 792 مليون دولار.
- تحفيز الاستثمارات في الطاقة النظيفة: 568 مليون دولار.
- العمل المناخي الوطني في الدول: 467 مليون دولار.
- المياه: 150 مليون دولار.
- صندوق التكيُّف: 134 مليون دولار.
- صندوق البلدان الأقل نمواً: 129.3 مليون دولار.
- التبريد: 57 مليون دولار.
- الصندوق الخاص لتغيُّر المناخ: 31 مليون دولار.
- الطهي النظيف: 30 مليون دولار.
- المساواة بين الجنسين: 2.8 مليون دولار.
من الأفكار والفعاليات التي تشهدها مؤتمرات الأطراف للمرة الأولى في (كوب 28):
- وزارة التربية والتعليم تستضيف للمرة الأولى في تاريخ مؤتمرات الأطراف، جناحاً متخصِّصاً لقطاع التعليم تحت عنوان: «إرث من أرض زايد»، بمشاركة واسعة من العديد من المؤسسات التعليمية.
- أطلقت معالي شمّا بنت سهيل المزروعي، وزيرة تنمية المجتمع رائدة المناخ للشباب في مؤتمر الأطراف (كوب 28)، بالتعاون مع وزارة الثقافة والشباب، الدفعة الأولى من »برنامج مندوبي شباب الإمارات للمناخ».
- للمرة الأولى في دورات مؤتمرات الأطراف تكون المنطقة الخضراء مجاورة للمنطقة الزرقاء، لتتيح لصنّاع القرار والمسؤولين التفاعل مع الأفراد والطلبة ومؤسسات المجتمع والعمل، لتكون نتائج المؤتمر مقاربة لتطلعات الناس واحتياجاتهم.
- (كوب 28) يشهد الاستجابة لنتائج أول تقييم عالمي شامل للحصيلة العالمية للتقدُّم في تنفيذ أهداف اتفاق باريس.
- رئاسة (كوب 28) تعقد أول مشاورات مفتوحة من نوعها لإعداد خطة المؤتمر وبرنامج «الموضوعات المتخصصة» الممتد خلال أسبوعَي فعاليات المؤتمر، حيث أجرت جولة الاستماع والتواصل العالمية التي شملت جميع القارات، وعشرات الدول المتقدِّمة والنامية، وشهدت عقد لقاءات مع القيادات العالمية والشركاء والخبراء والمعنيين بالعمل المناخي.
- الإمارات تدرج «التجارة العالمية» على أجندة (كوب 28) للمرة الأولى.
- (كوب 28) يستضيف أول جناح للأديان، وأول جناح للشعوب الأصلية.
- (كوب 28) يستضيف المنتدى المناخي للأعمال التجارية والخيرية الأول من نوعه.
- (كوب 28) يُصدر إعلان المناخ والصحة الأول من نوعه.
- (كوب 28) يستضيف أول اجتماع وزاري لوزراء الصحة والبيئة.
- (كوب 28) يشهد يوم الصحة الأول من نوعه.
- (كوب 28) يُصدر إعلان الإمارات بشأن النظم الغذائية المرنة والزراعة المستدامة والعمل المناخي الأول من نوعه.
- (كوب 28) يشهد إقرار الحكومات للمرة الأولى بالتداعيات الصحية المتزايدة لتغيُّر المناخ على المجتمعات والدول.
- (كوب 28) يشهد مشاركة الشباب في مركز دبلوماسية أعمال المناخ وطاولة المفاوضات للمرة الأولى، ويطلق «الحصيلة العالمية الأولى للشباب».
- يوم «الغذاء والزراعة والمياه» ينظِّم الحوار الوزاري الأول من نوعه في (كوب 28) بشأن بناء نظم غذائية قادرة على التكيُّف مع ندرة المياه.
- في سابقة هي الأولى من نوعها، وقَّعت 134 دولة على إعلان «كوب 28» بشأن الزراعة المستدامة والنظم الغذائية المرنة والعمل المناخي، وحُشِد ما يزيد على 2.5 مليار دولار لدعم الأمن الغذائي في إطار مواجهة تغيُّر المناخ، إضافة إلى عقد شراكة جديدة بين دولة الإمارات ومؤسسة «بيل وميليندا غيتس» لدعم الابتكارات في مجال النظم الغذائية.
عزَّز (كوب 28) في دولة الإمارات العمل المناخي العالمي، وشكَّل بارقة أمل وثقة في الجهود الدولية المبذولة للحدِّ من تداعيات تغيُّر المناخ، وحفظ حقوق الأجيال المقبلة في مختلف دول العالم بمستقبل آمن ومستدام، والخطوات المقبلة رهنٌ بمدى التزام الدول الأطراف وسعيها الصادق والجاد للوصول إلى اتفاق عادل ومُنصِف يحمي البشرية جمعاء، ويضمن استمرارية نمو وتطوُّر وازدهار الدول.