دشَّن سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة رئيس مجلس إدارة هيئة البيئة – أبوظبي، مركز المصادر الوراثية النباتية الذي أنشأته الهيئة في مدينة العين. ويعد المركز الأول من نوعه في المنطقة، ويهدف إلى ضمان صون بذور وأنسجة جميع أنواع النباتات البرية والأنواع الزراعية المحلية المهمة في دولة الإمارات.
وحضر التدشين الشيخ ياس بن حمدان بن زايد آل نهيان، ومعالي محمد أحمد البواردي، نائب رئيس مجلس إدارة هيئة البيئة- أبوظبي، ومعالي زكي أنور نسيبة، المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات، وسعادة أحمد مطر الظاهري، رئيس مكتب سمو ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، وسعادة المهندس علي خليفة القمزي، المدير العام لـبلدية مدينة العين، وسعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي وعدد من المسؤولين.
واستهل سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان زيارته للمركز بتفقد منطقة العرض والتعليم، التي تهدف إلى توعية الفئات العمرية المختلفة من الجمهور والباحثين بأهمية الأنواع النباتية المحلية في الدولة والطرق المستخدمة ضمن المركز لحفظ هذه الأنواع. وتحتوي منطقة العرض على 10 تجارب تفاعلية مختلفة طوّرت بالتعاون مع أفضل الشركات العالمية، وتُعرض لأول مرة في العالم، وبطرق مبتكرة.
وزار سموّه مختبر تجهيز البذور وفحصها، وهو المحطة الأولى لوصول العينات من النباتات البرية والبذور من خارج المركز، وتجرى فيه عدد من الفحوصات المختلفة للبذور للتأكد من حيويتها وصلاحيتها للتخزين والاستخدام في عمليات الإكثار والزراعة. والمختبر مجهز بـ8 من أحدث الأجهزة في العالم لإتمام العمليات المطلوبة.
وزار سموّه مختبر التصنيف والمسح الضوئي لعينات النباتات البرية الذي يهدف إلى ضمان التصنيف العلمي الدقيق للنباتات وتوثيقها بشكل عينات مجففة، وكذلك كعينات رقمية الكترونية وتضمينها في قاعدة البيانات الخاصة بالهيئة، لتمكين الباحثين محلياً وعالمياً من الاطلاع على تلك العينات واستخدامها في أبحاثهم، حيث تضم المعشبة حالياً أكثر من 4,000 عينة جافة و2,666 عينة رقمية.
واطلع سموّه على طرق الحفظ المختلفة، حيث يحتوي المركز على غرف تبريد، وتجهيزات للحفظ في النيتروجين بدرجات حرارة تنخفض إلى -196 مئوية، ما يضمن حفظ العينات لفترات طويلة الأمد تصل إلى أكثر من 100 عام.
وشملت جولة سموّه تفقد مختبر التوصيف الجيني للنباتات البرية المجهز بأحدث الأجهزة في العالم لدراسة الجينوم للنباتات البرية المحلية بهدف ضمان صونها ودراسة خصائصها، واستخدامها في مشاريع صون الموائل وإعادة تأهيلها، ورفع إنتاجية الغطاء النباتي، ومكافحة آثار تغير المناخ، وتحديد الأشكال المختلفة لنفس النوع.
وزار سموّه البيت الزجاجي الذي يمثل 5 موائل طبيعية أساسية في دولة الإمارات العربية المتحدة (الموائل الساحلية- الصفائح الرملية- الكثبان الرملية- الأودية- الجبال) حيث زُرع فيه أكثر من 50 نوعاً نباتياً محلياً مميزاً لهذه البيئات، ليوفر للزائر تجربة تعليمية وتثقيفية غنية. ويستخدم البيت الزجاجي أيضاً في إكثار بعض الأنواع النباتية خارج المواسم الزراعية، لأنه يوفر ظروفاً مناسبة للإنبات والنمو، ويُتحكم فيه بدرجات الحرارة والرطوبة والإضاءة، مع تضمنه أنواعاً مختلفة من التربة لإيجاد الأجواء المثالية لنمو النباتات لفترات طويلة.
وقال سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان: «إنَّ إنشاء المركز جاء في إطار الجهود التي تبذلها الهيئة لحماية الأنواع النباتية البرية المحلية في إمارة أبوظبي وباقي الإمارات في الدولة؛ فالهيئة منذ إنشائها، حرصت على صون النباتات المحلية ضمن بيئاتها الطبيعية من خلال إنشاء شبكة من المحميات الطبيعية، وإصدار القوانين والتشريعات التي تعمل على حماية الأنواع البرية المختلفة، ومنها الأنواع النباتية، ما ينسجم مع الرؤية الطموحة لإمارة أبوظبي، المرتبطة بتطبيق الاستراتيجية الوطنية للتنوُّع البيولوجي، وخطة عمل الدولة لضمان حفظ التنوُّع البيولوجي واستدامته».
وأضاف سموّه: «تواصل هيئة البيئة – أبوظبي جهودها للمحافظة على إرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، في حماية البيئة، وتجسيد قِيَمه في حماية الطبيعة بوصفها جهةً تنظيمية وبحثية رائدة محلياً وإقليمياً وعالمياً، مشيراً إلى أهمية الدور الذي يؤديه المركز في توثيق المصادر الوراثية للنباتات المحلية وتنوُّعها، وحفظ الأنواع النباتية المهمة وصفاتها الوراثية باستخدام نهج متكامل يتضمَّن طرق الحفظ الداخلية والخارجية لهذه الأنواع من النباتات، للمحافظة على التنوُّع البيولوجي النباتي في دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة، وإعادة استزراعها وإكثارها في الطبيعة وحماية الأنواع المهدَّدة بالانقراض».
وأشار سموّه إلى دور المركز المهم في تعزيز الغطاء النباتي، وإعادة تأهيل الموائل الطبيعية المتدهورة، وتعزيز مكانة إمارة أبوظبي العالمية ودورها الرائد في مجال حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة، وبناء قدرات الكوادر المحلية المتخصِّصة في المجالات الفنية والعلمية والإدارية لبنوك المصادر الوراثية النباتية، إضافة إلى دوره كمركز للأبحاث والتعليم لجميع طلاب الجامعات في الدولة، بوصفه الأوَّل من نوعه على مستوى المنطقة لعمل الأبحاث المختصة بصون واستدامة التنوُّع البيولوجي النباتي.
وقالت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي: «إنَّ مركز المصادر الوراثية النباتية سيؤدي دوراً أساسياً في صون النباتات الطبيعية، ما يضمن الحفاظ على بذورها للأجيال المقبلة، مشيرة إلى أنَّ المركز يتضمَّن موقعاً متخصِّصاً في عمليات الجمع والصون طويل الأمد لفترات تصل إلى 100 عام لبذور النباتات المحلية البرية المجموعة من مختلف أنحاء الدولة، ضمن غرف مبرَّدة بدرجة حرارة تبلغ -20 درجة مئوية، إضافة إلى مختبرات متخصِّصة في عمليات زراعة الأنسجة النباتية، والحفظ العميق للأجزاء الخضرية والأنسجة بدرجة حرارة تبلغ -196 درجة مئوية، ومختبر متخصِّص لإجراء عمليات التسلسل الجينومي للنباتات البرية، الذي سيؤدي دوراً مهماً في جهود المحافظة على النباتات من خلال مساعدة المتخصِّصين على فهم أنواع النباتات وتنوُّعها الوراثي، وقدرتها على التكيُّف مع الظروف البيئية».
وذكرت سعادة الظاهري أنَّ المركز يضمُّ معشبة للعينات النباتية المختلفة التي تُجمع ثمَّ تُجفَّف من مختلف مناطق الدولة، التي ستُصنَّف وتُؤرشَف على شكل عينات فعلية، وكذلك عينات رقمية ضمن قاعدة بيانات متخصِّصة طوَّرتها الهيئة لمساعدة الباحثين المحليين والدوليين على الاطلاع على تلك العينات لتصنيف النباتات.
وأضافت سعادتها: «إنَّ المركز يتضمَّن معرضاً متخصِّصاً، يُعرَض فيه أكثر من 10 تجارب لإثراء تجربة الزائرين ورفع معرفتهم بأهمية النباتات المحلية، إضافة إلى بيت زجاجي يمثِّل الموائل الطبيعية المختلفة، وما تتضمَّنه من نباتات طبيعية مميَّزة، وحديقة نباتية مصغَّرة حول المبنى يُعرَض فيها أهم النباتات المحلية واستخداماتها المختلفة، التي ستؤدي أيضاً دوراً رئيسياً في نقل المعرفة للزوّار».
يشار إلى أنَّ الهيئة، خلال مراحل التصميم المختلفة والدراسات الخاصة بالمشروع، تعاونت مع العديد من الجهات والمؤسَّسات المحلية والدولية، ويشمل ذلك جامعة الإمارات العربية المتحدة، ووزارة التغيُّر المناخي والبيئة، وهيئة البيئة والمحميات الطبيعية - الشارقة، وبلدية منطقة الظفرة، وبلدية مدينة العين، وهيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، والمركز الدولي للزراعات الملحية، والحدائق النباتية الملكية وبنك بذور الألفية - المملكة المتحدة. وستستمرُّ الهيئة في العمل على بناء شراكات فعّالة تسهِّل تبادل المعرفة والأفكار والموارد، لدعم الاكتشافات العلمية والحلول المبتكرة.
وتعمل هيئة البيئة – أبوظبي على إعادة تأهيل الغطاء النباتي عبر إنشاء شبكة زايد للمحميات الطبيعية، التي تضمُّ 13 محمية برية تغطّي مساحات مختلفة من الموائل الطبيعية، التي تحسَّن فيها الغطاء الطبيعي بسبب توافر الحماية لها وغياب المخاطر التي تهدِّدها، ومنها الرعي الجائر. وتعمل الهيئة أيضاً على زيادة مساحة المحميات البرية القائمة أو إنشاء محميات جديدة لتؤدي دوراً أساسياً في حماية أشكال مختلفة من الغطاء النباتي الطبيعي وتضمن تطوُّره، ما يُسهم في الاستفادة منه لمجموعات مختلفة من الأحياء البرية الصغيرة والمتوسطة، كمصدر غذاء أو مأوى طبيعي.
وفي عام 2010 أنشأت الهيئة مشتلاً خاصاً في منطقة الظفرة، وصلت طاقته الإنتاجية إلى نحو 500,000 شتلة سنوياً (تنتمي إلى نحو 68 نوعاً من النباتات المحلية)، وتُستخدَم الشتلات المنتجة في مشاريع إعادة تأهيل بعض الموائل البرية التي تنفِّذها الهيئة مع شركائها. وأنشأت الهيئة مجموعة لاستدامة استخدام بذور النباتات البرية في العديد من المشاريع التي تنفِّذها، والتي أصبحت تضمُّ ما يزيد على 70 نوعاً من البذور المجموعة من مختلف الموائل الطبيعية في الإمارة.
ونفَّذت الهيئة مشاريع عدة لإعادة تأهيل عدد من الموائل البرية، حيث نجحت في زراعة وإعادة تأهيل بعض الموائل الطبيعية بنباتاتها المميزة، كزراعة شجيرات الغضا والسمر في كلٍّ من محميتي الغضا الطبيعية ومتنزّه جبل حفيت الوطني. ولدى الهيئة خطة سنوية متكررة لنثر البذور للنباتات المحلية وزراعتها ضمن الموائل الطبيعية، ومشاريع تستخدم التكنولوجيا الحديثة لنثر البذور باستخدام الطائرات من دون طيار واستخدام أنظمة الري تحت السطحية المقنّنة لاستخدام المياه، حيث تنثر سنوياً ما لا يقل عن مليون بذرة من نباتات برية مختلفة في جميع المحميات؛ بهدف إثراء محتوى التربة الطبيعي من البذور، وزيادة الغطاء النباتي الطبيعي.
ويراعي مركز المصادر الوراثية النباتية مبادئ الاستدامة؛ فهو أحد المباني المستدامة والحاصل على درجة «لؤلؤ 2» ضمن النظام المحلي لاستدامة المباني في أبوظبي. وجميع مظلات السيارات في المركز مغطاة بالخلايا الشمسية التي تنتج طاقة كهربائية تغطي أكثر من 30% من احتياجات المركز. واستُخدِمَت في الكساء الخارجي للمبنى مادة التيراكوتا المصنَّعة من مواد طبيعية، وهي تعمل على تفعيل العزل الحراري للمبني، ما يخفض من استهلاك الكهرباء. وهو يعتمد على الإضاءة الطبيعية في بعض المكاتب والمختبرات من خلال النوافذ السقفية، ما يوفِّر من استهلاك الكهرباء.
وتُستخدَم النباتات المحلية في المزروعات حول المركز، ما يؤدي إلى خفض استهلاك مياه الري والمحافظة على أشجار الغاف الموجودة في الموقع قبل البناء، ودمجها في تنسيق حدائق المركز. وتُستخدَم ألوان وأصباغ غير عاكسة لضمان عدم التأثير البصري على الطيور المهاجرة.