أطلقت هيئة البيئة - أبوظبي نظام التقييم البيئي الاستراتيجي لتحديد الآثار البيئية المتوقَّعة ودراسة البدائل المقترحة للتخفيف من هذه الآثار، إضافةً إلى وضع خطط المراقبة المرتبطة بتنفيذ المشاريع الاستراتيجية والمخطَّطات الرئيسة، والبرامج التنموية لضمان استخدام أفضل الممارسات البيئية المتوافرة، للحدِّ من التلوُّث واستنزاف الموارد الطبيعية، لتحقيق مبادئ التنمية المستدامة، وضمان بيئة صحية ومرنة للأجيال المقبلة والمساهمة في تحقيق أهداف المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.
جاء إطلاق النظام الجديد في إطار القانون الاتحادي رقم (24) لسنة 1999 بشأن حماية البيئة وتنميتها، والذي ينصُّ على أن تتولّى الهيئة، باعتبارها السلطة المختصة بشؤون البيئية في إمارة أبوظبي، مسؤولية وضع المعايير والمواصفات والأسس والضوابط اللازمة لتقييم التأثير البيئي للمشاريع والمنشآت المطلوب ترخيصها.
وقد منح قرارُ نظام التقييم البيئي الاستراتيجي، الذي اعتُمِدَ من قِبَل مجلس الإدارة في عام 2022، هيئةَ البيئة - أبوظبي سلطةَ طلب التقييم البيئي الاستراتيجي، ليس فقط للمشاريع والمرافق، ولكن أيضاً للمخطَّطات الرئيسة والبرامج التنموية والاستراتيجية.
وقال سعادة المهندس فيصل الحمادي، المدير التنفيذي لقطاع الجودة البيئية في هيئة البيئة - أبوظبي: «يُسعدنا إطلاق نظام التقييم البيئي الاستراتيجي، الذي يضمن مراعاة الاعتبارات البيئية خلال مرحلة التصميم الأولية للمشاريع والخطط والبرامج، وليس فقط الاهتمام بالاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية».
وأضاف: «النظام يقوم على دراسة البدائل، لإيجاد أفضل الحلول الممكنة التي من شأنها الحفاظ على التوازن بين حماية البيئة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والذي يعدُّ أمراً حيوياً لإمارة أبوظبي، التي تنمو وتزدهر بشكل مستمر، وتعدُّ مركزاً للعديد من المشاريع والبرامج التنموية المهمة. فمن خلال إجراء التقييم البيئي الاستراتيجي، سنتمكَّن من التأكُّد من أنَّ جميع المشاريع قد أخذت في الحسبان الاعتبارات البيئية دون إعاقة مسيرة النمو والتنمية بإمارة أبوظبي، مع توفير بيئة صحية لجميع سكانها، كما أنَّ البرنامج يساعد على التغلب على الآثار البيئية الضارة المتوقّعة مثل انبعاث غازات الدفيئة لمنع أو التقليل من تأثير التغير المناخي».
وأوضح: «يسمح التقييم بدراسة تصاميم المشاريع البديلة وطرق التنفيذ، وهذا بدوره يوجِّه عملية وضع تدابير التخفيف المناسبة وخطط الإدارة البيئية التي تمنع أو تقلِّل من أيِّ آثار بيئية مرتبطة بها».
وأشار الحمادي إلى أنَّ التقييم نهجٌ استباقيٌّ يركِّز على الإزالة والحماية بدلاً من مجرد إعادة التأهيل. وينطبق التقييم البيئي الاستراتيجي على جميع القطاعات المسؤولة عن تطوير الخطط الرئيسة والمشاريع الاستراتيجية وبرامج التنمية، ولذا فهو ينطبق بشكل أساسي على الجهات الحكومية وشبه الحكومية، وقد ينطبق أيضاً على المشاريع الاستراتيجية الرئيسة الأخرى.
ويهدف التقييم البيئي الاستراتيجي إلى طلب إجراء تقييمات بيئية لجميع المشاريع والخطط والبرامج الاستراتيجية. ويشمل ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، قطاعات مثل: الزراعة والغابات والثروة الحيوانية، والصيد والثروة السمكية، والطاقة وتحلية المياه، والصناعة واستخراج واستغلال الموارد الطبيعية، إضافةً إلى التعدين، النقل البري والبحري والجوي، البنية التحتية، إدارة النفايات، إدارة المياه، الاتصالات، السياحة، والتخطيط الحضري للمدن واستخدامات الأراضي.
وقد طلبت هيئة البيئة - أبوظبي وضع إطار خطة للإدارة البيئية، بوصفه أحد مخرجات دراسة التقييم البيئي الاستراتيجي، لتوجيه الجهات المعنية بالإجراءات المطلوبة. ويحدِّد إطار العمل أهداف المشروع، والأدوار والمسؤوليات، ويضمن أن تتناسب برامج التدريب مع الاحتياجات، ويحدِّد متطلبات المراقبة البيئية والتدقيق. وبعد اكتمال عملية التقييم، يحتاج العملاء إلى البدء في تنفيذ إطار عمل الإدارة البيئية لضمان التنفيذ الناجح لتوصيات التقييم البيئي الاستراتيجي.
وتتضمَّن فوائد تقرير التقييم البيئي الاستراتيجي: منع وتقليل وتعويض التأثيرات البيئية السلبية، مثل تلوُّث الهواء، تلوُّث التربة أو تغيُّر المناخ، وغيرها من التأثيرات السلبية الأخرى. كما أنه يسهم في تجنُّب التأثيرات على الموائل الحرجة والحسّاسة بيئياً، والمناطق المحمية المعلنة أو المقترحة، من خلال التخطيط الاستباقي لاستخدام الأراضي، الذي يضمن حماية هذه المناطق المهمة بيئياً، وفقاً لإرشادات حماية البيئة وتصنيف الموائل.
ويقدِّم التقريرُ تحذيراتٍ مبكِّرةً عن الآثار التراكمية المحتملة، ويتيح الوصول إلى مجموعة واسعة من البدائل لتقليل الآثار البيئية التراكمية للمشاريع أو الخطط أو البرامج. ويضمن التشاور على نطاق واسع، والمشاركة مع الجهات الحكومية المعنية في مرحلة مبكِّرة وفعّالة. كما يضمن التقييم البيئي الاستراتيجي مراقبة التأثيرات البيئية الهامة، ما يتيح الفرصة لتحديد الآثار السلبية غير المتوقّعة في وقت مبكِّر، الأمر الذي يسمح باتخاذ الإجراءات التصحيحية المناسبة، عند الضرورة.
ويشار إلى أنَّ الهيئة أجرت دراسة قياس معيارية واسعة النطاق، خلال فترة تطوير نظام التقييم البيئي الاستراتيجي، شملت دولاً ومؤسَّساتٍ من مختلف أنحاء المنطقة والعالم، بما في ذلك المملكة المتحدة، وهونغ كونغ، وكندا، وجنوب إفريقيا، وأستراليا، ولبنان.
ويعدُّ التقييم البيئي الاستراتيجي عملية منظَّمة واستباقية متعدِّدة المراحل، تشمل مرحلة الفرز، لتحديد ما إذا كان التقييم البيئي الاستراتيجي مطلوباً، ومرحلة تحديد النطاق، لتحديد نطاق عمل تقرير التقييم البيئي الاستراتيجي، ومرحلة إشراك أصحاب المصلحة، ومرحلة التقييم والإعداد، ويشمل هذا تقييم التأثيرات، ودراسة البدائل، ووضع تدابير التخفيف ومراجعة التقييم البيئي الاستراتيجي من قِبَل هيئة البيئة - أبوظبي. يتبع ذلك مرحلة اتخاذ القرار، والتي تؤدِّي إلى قبول أو رفض المشروع أو الخطة أو البرنامج المقترح بناءً على نتائج التقييم البيئي الاستراتيجي، وأخيراً مرحلة مراقبة توصيات التقييم البيئي الاستراتيجي وكفاءتها في حماية البيئة.
وقد وُضِعَ برنامجٌ تدريبيٌّ مفصَّلٌ للتأكُّد من أنَّ الجهات المعنية على دراية بمتطلبات هيئة البيئة – أبوظبي، وذلك من خلال تنظيم ورش العمل، مع إتاحة مواد التدريب والفيديو التدريبي للمشاركين عبر الإنترنت. علاوة على ذلك، توفِّر هيئة البيئة - أبوظبي التدريب لمكاتب الاستشارات البيئية، وإمكانية تعديل متطلبات التسجيل، لضمان أن تكون المكاتبُ قادرةً على إجراء تقرير التقييم البيئي الاستراتيجي بنجاح.