نفّذت هيئة البيئة – أبوظبي، بالتعاون مع شركة ديندرا، برنامجاً شاملاً لتقييم حالة الموائل الطبيعية البرية في أبوظبي، في إطار سعيها إلى تبنى التقنيات الحديثة والمبتكرة ضمن برامجها الهادفة إلى تعزيز استدامة التنوع النباتي في الإمارة.
ويشمل هذا البرنامج على تقييم دقيق لحالة الغطاء النباتي الطبيعي للشجيرات في الموائل ضمن شبكة زايد للمحميات الطبيعية وخارجها، وقياس مدى التغيرات التي تطرأ على تنوع النباتات المحلية وانتشارها عبر ربطها بالاستخدامات البشرية.
وتولى مهمة تنفيذ البرنامج ومتابعته فريقٌ متخصص من الكفاءات الوطنية الشابة من هيئة البيئة وشركة ديندرا المتخصصة في إجراء الدراسات البيئية باستخدام وسائل وتقنيات الذكاء الصناعي وبرامج جمع البيانات بطائرات من دون طيار مزودة بمستشعرات ذكية.
وقالت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي: «تسعى الهيئة دائماً الى الارتقاء بأساليب البحث البيئي وبرامجه، وتنفيذ برامج تأهيل الموائل، ما يتناسب مع رؤية سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي أكد على أهمية ترسيخ الاستدامة وحماية النظم البيئية والطبيعية في الدولة والتي تمثلت بإعلان القيادة الرشيدة تمديد مبادرة (عام الاستدامة) لتشمل عام 2024 بهدف البناء على ما تحقق من نجاح خلال العام الماضي وذلك تأكيداً على التزام الدولة بتحقيق مستقبل مزدهر ومستدام للجميع».
وأشارت سعادتها إلى أن «هذا البرنامج يُعد أكبر برنامج بحثي ميداني ينفذ على مستوى المنطقة، حيث تمكنت الهيئة على مدى أكثر من 6 شهور من العمل المتواصل، من تغطية مساحة إجمالية تبلغ 11,000 هكتار موزعة على مجموعة من المناطق كعينة مساحية ممثلة للغطاء النباتي الحرج والأكثر عرضة للتهديدات البيئية الناجمة عن الاستخدامات البشرية والتغيرات المناخية، وتسهم البيانات التفصيلية الناتجة من البرنامج بإعطاء تصور أكثر وضوحاً للقيادة، ما يدعم اتخاذ القرارات الاستباقية المناسبة للتعامل مع هذه الضغوطات».
وأكدت سعادة الدكتورة الظاهري أن التوسع في برامج الأبحاث البيئية المتخصصة من الهيئة يعكس التزامها بمواصلة حماية موروثنا الطبيعي، وتطوير قراراتها ومبادراتها الهادفة إلى زيادة تكيف ومقاومة الموائل الطبيعية للتغيرات المناخية انسجاماً مع استراتيجية التغيّر المناخي لإمارة أبوظبي، التي تسعى إلى خفض انبعاثات الكربون وتدعم جهود دولة الإمارات العربية المتحدة لتحقيق أهداف المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050.
وقال أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة - أبوظبي: «أثبتت التجربة أن توظيف التكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك التقنيات المبتكرة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي واستخدام الطائرات من دون طيار، في مجال البحوث البيئية يُعدّ ذو فعالية كبيرة مكنت الهيئة من النجاح في تغطية مناطق يستحيل الوصول إليها بأساليب العمل التقليدية، فضلاً عن أن الأثر البيئي والمالي لهذه التقنيات يعد منخفضاً، مقارنة بما يترتب على أساليب العمل الميداني التقليدية من آثار سلبية على البيئة، والتي تنتج عن استخدام المركبات للوصول إلى مناطق البحث، فضلاً عن الترشيد الواضح في التكاليف الإدارية التشغيلية، حيث أظهرت المقارنة المعيارية أن هذا النهج أسهم بتوفير الوقت والتكاليف بنسبة تصل إلى 90%، مقارنةً بالأساليب التقليدية، ولهذا فإن هذا البرنامج يعد إضافة نوعية مهمة لطرق العمل المعتمدة في الهيئة».
وأضاف الهاشمي: «تمكنت فرق العمل المتخصصة في الهيئة وشركة ديندرا من تنفيذ المشروع وفق الخطة البحثية بشكل دقيق، ونجحنا بتحقيق هدفنا بجمع أكبر قدر من البيانات الميدانية وتحليلها، إذ تم تغطية مساحة بحث شاسعة من الموائل البرية، وقياس المؤشرات الحيوية لأنواع متعددة من النباتات المحلية فيها بدقة، ما يتيح تقييم صحة الغطاء النباتي وتحديد التأثيرات عليه بما في ذلك الرعي الجائر، والتأثيرات الناجمة عن النشاطات البشرية وخصوصاً استخدام المركبات ذات الدفع الرباعي. واشتمل البرنامج على توثيق تصويري لمناطق توزع الحياة البرية وتقييم مدى ارتباطها بأنواع النباتات البرية، لقد ساعدنا هذا بزيادة فهمنا لمعطيات الغطاء النباتي واستجابته للتأثيرات البشرية».
وإضافة إلى عمليات المراقبة والبحوث الميدانية، طُورت منصة ذكية لقاعدة البيانات الجغرافية لتوثيق جميع معلومات المشروع. وتتيح هذه المنصة القدرة على إصدار تقارير فورية وتحليلات إحصائية دقيقة.
ونفذت الهيئة بناءً على تصميم الدراسات الأولي، إجراءات لنثر بذور من أنواع النباتات المحلية باستخدام الطائرات من دون طيار قادرة على حمل وزن يبلغ 70 كيلوغراماً، ونشرها في 3 مناطق في إمارة أبوظبي تبلغ مساحة كل منها 380 هكتاراً بهدف مراقبة مدى استجابة هذه البذور للتجدد الطبيعي المرتبط بمعدلات هطول الأمطار ونوع التربة. وتجرى دراسة سنوية لمناطق نثر البذور لقياس مدى نجاح الإنبات الطبيعي فيها.