أطلقت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية خطة لتوصيل المياه المعاد تدويرها إلى أكثر من 1,600 مزرعة في الإمارة، بالتعاون مع شركائها الاستراتيجيين؛ دائرة الطاقة - أبوظبي، وهيئة البيئة – أبوظبي، وشركة طاقة، وشركتي أبوظبي والعين للتوزيع، وشركة أبوظبي لحلول المياه المستدامة.
وتنسجم خطة إمارة أبوظبي للتوسُّع في استخدام المياه المعاد تدويرها في الزراعة مع أهداف الاستدامة الشاملة، فالمياه المعاد تدويرها أحد الحلول الضرورية لتخفيف استنفاد موارد المياه الجوفية، ويمكن استغلالها في مختلف المجالات التنموية، ومنها مجال الزراعة لضمان استدامة الإنتاج الزراعي والحدِّ من استنزاف الموارد المائية الطبيعية.
وفي إطار هذه الخطة أنشأت شركة طاقة والشركات التابعة لها خطوط نقل المياه لنقل وتوزيع نحو 150,000 ألف متر مكعب يومياً للمزارع الواقعة في مناطق الختم والخزنة والنهضة، بهدف تأمين احتياجاتها من المياه المعاد تدويرها، بتوفير نحو 73 متراً مكعباً يومياً لكل مزرعة، وهذا يعادل 16,500 جالون من المياه. وتستغني خطة استخدام المياه المعاد تدويرها في الزراعة عن استهلاك كميات كبيرة من المياه الجوفية، ولهذا يُتوقَّع أن يتوقَّف سحب المياه الجوفية من نحو 4,850 بئراً في منطقتي الختم والخزنة، ما يسهم في حفظ الموارد المائية غير المتجدّدة، وتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المائية، ودعم استدامة قطاع الزراعة في أبوظبي.
ويتناغم المشروع مع أهداف استراتيجية الأمن المائي لدولة الإمارات 2036، والرامية إلى خفض إجمالي الطلب على الموارد المائية بنسبة 21%، وخفض مؤشِّر ندرة المياه بمقدار 3 درجات، وزيادة نسبة إعادة استخدام المياه المعالجة إلى 95%، لضمان استدامة تأمين إمدادات المياه لجميع الاستخدامات السكنية والتجارية والحكومية والصناعية والزراعية. ويندرج المشروع أيضاً في إطار تطبيق سياسة المياه المعاد تدويرها في أبوظبي، التي تهدف إلى تحقيق الاستفادة القصوى من المياه المعاد تدويرها، إضافة إلى مساهمته في ترشيد استخدام المياه الجوفية في الزراعة، وتحقيق الإدارة المتكاملة والتنمية المستدامة للموارد المائية المتاحة.
وقال سعادة المهندس مبارك علي القصيلي المنصوري، المدير التنفيذي لقطاع الشؤون الزراعية في هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية: «تعدُّ المياه المعاد تدويرها من مصادر المياه المتجدِّدة غير التقليدية، وتسعى الهيئة للتوسُّع في استخدامها بالمزارع من منطلق الحرص على تحقيق الهدف الاستراتيجي، بتعزيز تبنّي الممارسات والنُّظم الزراعية المستدامة، فقطاع الزراعة ما زال يعتمد على المياه الجوفية بنسبة 81.4%، ومياه البحر المحلاة باهظة التكاليف بنسبة 18%، والمياه المعاد تدويرها بنسبة 0.6%، وهو ما يستدعي التوسُّع في استخدام المياه المعاد تدويرها للحدِّ من استنزاف المياه الجوفية، وتقليل استهلاك مياه البحر المحلاة».
وأوضح سعادته أنَّ هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية نجحت، بالتعاون مع شركائها منذ عام 2012، في تنفيذ مشروع لري 143 مزرعة في منطقة النهضة بالمياه المعاد تدويرها بدلاً عن المياه الجوفية، حيث تحصل هذه المزارع على احتياجاتها من المياه المعاد تدويرها من محطة المفرق، ثمَّ تعالَج للمرحلة المتقدِّمة في محطة التنقية الإضافية في النهضة، التي يوزَّع من خلالها نحو 12,000 متر مكعب يومياً على هذه المزارع.
وأكَّد المنصوري أنَّ هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية تطبِّق نظاماً لمراقبة جودة وسلامة المياه المعاد تدويرها قبل توزيعها على المزارع، ولفت إلى أنَّكأ تطبيق تقنية المياه المعاد تدويرها في ري المزارع تمَّ بعد إجراء دراسات للتأكُّد من جودتها وسلامتها، منها دراسة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) لتقييم جودة المياه المستخدمة في مزارع النهضة، فأثبتت الدراسة أنَّ المياه المعالجة ثلاثياً مناسبة لزراعة العديد من المحاصيل الزراعية.
وقال سعادة المهندس أحمد محمد الرميثي، وكيل دائرة الطاقة في أبوظبي: «إنَّ ملف المياه يعدُّ إحدى الأولويات الاستراتيجية في إمارة أبوظبي، في ظل الاهتمام الكبير بتوفير خدمات موثوقة للمياه، وتعزيز أمن الإمدادات في المستقبل».
وأكَّد الرميثي أنَّ دائرة الطاقة في أبوظبي بذلت العديد من الجهود من أجل ضمان استدامة المياه وكفاءة استخدامها، وأصدرت العديد من اللوائح التنظيمية والسياسات التي تهدف إلى الاستفادة القصوى من المياه المعاد تدويرها ودعم الجهود الوطنية الرامية إلى الحفاظ على الموارد المائية.
وأوضح الرميثي أنَّ كمية المياه المعاد تدويرها المنتَجة عام 2022 تبلغ نحو 323.6 مليون متر مكعب، وتسعى دائرة الطاقة إلى الاستغلال الأمثل لهذا النوع من المياه عن طريق توسيع نطاق استخدامها والقيام بالعديد من المبادرات، ومتابعة مشاريع البنية التحتية التي تهدف إلى استغلال الفائض من المياه المعاد تدويرها. ويدرس حالياً التوسُّع في تزويد المزارع حتى يتمَّ تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المائية في أبوظبي.
وقال المهندس فيصل الحمادي، المدير التنفيذي بالإنابة لقطاع الجودة البيئية بهيئة البيئة- أبوظبي: «إنَّ مشروع نقل مياه الصرف الصحي المعالجة، وتوزيعها وإعادة استخدامها ستكون له آثار بيئية واقتصادية إيجابية، من أهمها التوقُّف عن تصريف المياه المعالَجة إلى قناة المصفح، ما يسمح بتنظيفها وتطهيرها وإزالة ما يقرب من ثلاثة ملايين متر مكعب من الرواسب. وسيضمن المشروع التوقُّف عن استخدام المياه الجوفية في نحو 1,600 مزرعة وغابة في منطقتي الختم والخزنة، بكميات تصل إلى 250 ألف متر مكعب يومياً، ما يسهم في تحقيق خطط الحكومة لترشيد استخدام المياه الجوفية في الزراعة، وتحقيق الإدارة المتكاملة والتنمية المستدامة للموارد المائية المتاحة».
وأضاف الحمادي: «إنَّ هيئة البيئة أصدرت في عام 2019 اللائحة التنفيذية بشأن تنظيم المياه الجوفية في الإمارة. ونصَّت اللائحة على أن تأخذ الهيئة بالاعتبار، عند دراسة الطلبات المقدَّمة لها لاستخراج واستخدام المياه الجوفية، مدى توافر مصادر مياه بديلة وملائمة، مثل المياه المُحلاة والمياه المعاد تدويرها، للحفاظ على موارد المياه الجوفية واستخدامها بشكل مستدام. وأصدرت الهيئة أيضاً قراراً يقضي بتحديد المناطق المحظور حفر آبار مياه جديدة فيها، لمنع استنزاف أو تدهور نوعية المياه الجوفية فيها وترشيد استغلالها».
وأوضح الحمادي أنَّ دور الهيئة يتمثَّل في التنسيق مع الجهات المعنية في المجالات ذات العلاقة، حيث يقدِّم فريق العمل في الهيئة المشورة الفنية في مجالات تطوير معايير لإعادة استخدام المياه المعاد تدويرها في أغراض الري والزراعة، وذلك لتخفيف الضغط على مصادر المياه الجوفية. وأعدَّت الهيئة بالتنسيق مع الشركاء الاستراتيجيين خطة متكاملة للإدارة المتكاملة للموارد المائية في الإمارة تأخذ بالاعتبار الحفاظ على المياه الجوفية كمّاً ونوعاً، وضرورة إحلالها بموارد بديلة مثل مياه الصرف الصحي المعالجة للحفاظ على المياه الجوفية مخزوناً استراتيجياً للأجيال المقبلة.