حقَّق خبراء المركز المرجعي المتعاون لأمراض الإبل التابع لهيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية والمعتمد من المنظمة العالمية لصحة الحيوان، إنجازاً علمياً برصد أحد المسبّبات المرضية المحتمَلة لحالات النفوق الغامضة للإبل في إثيوبيا، التي تسبَّبت في خسائر اقتصادية وآثار اجتماعية سلبية فيها خلال العقدين الماضيين.
وأُعلِن عن هذا الإنجاز خلال المؤتمر الإقليمي الإفريقي السادس والعشرين للمنظمة العالمية لصحة الحيوان الذي عُقِدَ في إثيوبيا بحضور نائب المدير العام للمنظمة وعدد من الخبراء وممثّلي الدول والمنظمات العالمية. واستعرض فريق الخبراء من المركز المرجعي المتعاون لأمراض الإبل نتائج الزيارات الميدانية والفحوصات المخبرية التي أُجرِيَت قبل عدة شهور، استجابة لطلب رسمي تقدَّمت به وزارة الزراعة الإثيوبية للمركز المرجعي في دولة الإمارات، بهدف تقديم الدعم العلمي في تحديد أسباب تفشّي الظاهرة المرضية الغامضة.
وزار إثيوبيا في يوليو 2024 فريق متخصِّص من المركز المرجعي المتعاون لأمراض الإبل، وجمَعَ عيّنات مرضية من الإبل المصابة، في مقاطعة «بورانا» جنوب غرب إثيوبيا. وكشفت تحاليل الفريق المخبرية الأولية عن إصابة الإبل بفيروس «ويسلسبرون» (Wesselsbron virus)التابع لعائلة الفيروسات الخيطية (Flaviviridae، ويعد هذا إنجازاً جديداً، إذ لم يُكتشَف فيروس «ويسلسبرون» سابقاً في الإبل المريضة. وحظيت هذه النتيجة باهتمام دولي كبير وإشادة واسعة من ممثّلي الدول المتأثرة بالمرض، مثل كينيا والصومال، ومن المنظمات العالمية المعنية بصحة الحيوان.
ويؤكِّد هذا الإنجاز الدور الرائد لهيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية ودولة الإمارات في دعم الجهود العالمية لحماية صحة الحيوان، لاسيما الإبل، وتعزيز الأمن الحيوي الإقليمي والعالمي، ما يرسِّخ مكانة أبوظبي مركزاً رائداً في الأبحاث البيطرية المعزّزة للأمن الحيوي والغذائي.
وبناءً على هذه النتائج، أوصى المركز المرجعي المتعاون لأمراض الإبل ووزارة الزراعة الإثيوبية بتوجيه مزيدٍ من الأبحاث نحو فهم وبائية فيروس «ويسلسبرون» في الإبل، مع التوسُّع في جهود التقصّي لتشمل دول شرق إفريقيا، لتأكيد النتائج الأولية المرصودة في إثيوبيا.
واتفق الجانبان على تطوير تقنيات تحليلية متقدِّمة لإجراء المسوحات المَصلية في المناطق المتأثّرة، إضافةً إلى إجراء تجارب حقلية لدراسة تأثير الفيروس في الإبل، وإمكانية تطوير لقاح فعّال للحدِّ من انتشاره. ويجري حالياً التنسيق مع الجهات الصحية في إثيوبيا لإجراء تحاليل على عيّنات بشرية للكشف عن الفيروس، بهدف التوسُّع في فهم أبعاده الوبائية المشتركة، انطلاقاً من نهج الصحة الواحدة.
وفي إطار تعزيز التعاون الدولي ونقل المعرفة، زار فريق خبراء المركز المرجعي معهد صحة الحيوان الإثيوبي، وأُضيف التحليل التأكيدي للكشف عن الفيروس إلى التحاليل التي تُجريها مختبرات المعهد، ما أسهم في رصد الفيروس في عيّنات حالات مرضية سابقة محفوظة لدى المعهد، وعضَّد صحة النتائج المخبرية التي توصَّلت إليها هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية.
يُشار إلى أنَّ هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية ووزارة الزراعة الإثيوبية تُخطِّطان لتوقيع اتفاقية، بهدف تعزيز القدرات البحثية والتقصّي في مجال أمراض الحيوان. ويشمل هذا التعاون تبادل الخبرات والمعلومات، وتطوير برامج تدريبية مشتركة، إضافةً إلى إنشاء مشاريع بحثية تهدف إلى فهمٍ أعمقَ لطبيعة الأمراض التي تُصيب الإبل في المنطقة. ويُتوقَّع أن يُسهم هذا التعاون في تعزيز الأمن الحيوي وتحسين صحة الحيوان، ما ينعكس إيجاباً على المجتمعات الرعوية التي تعتمد على الإبل في معيشتها اليومية.
ويعكس هذا التعاون التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بدعم الجهود الدولية في مجال الصحة الحيوانية، وتبنّي نهج «الصحة الواحدة» الذي يربط بين صحة الإنسان والحيوان والبيئة، لتحقيق واستدامة النماء والأمن الحيوي.
وقالت أسماء عبدي محمد، مدير إدارة شؤون الأمن الحيوي في هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية ورئيس الفريق البحثي: «يُعَدُّ الكشف عن أحد المسبّبات المحتمَلة لنفوق الإبل الغامض إنجازاً علمياً يعكس كفاءة المركز المتعاون لأمراض الإبل، وقدرته على تقديم حلول علمية تُسهم في حماية الثروة الحيوانية وتعزيز الأمن الحيوي إقليمياً وعالمياً».
وأضافت: «إنَّ رصْدَ فيروس (ويسلسبرون) كأحد المسبّبات المحتمَلة لنفوق الإبل في إثيوبيا يُعَدُّ إنجازاً علمياً غير مسبوق لم يكن ليتحقَّق لولا الجهود المشتركة والتعاون الوثيق بين فريقنا البحثي ونظرائنا في دولة إثيوبيا والمنظمة العالمية لصحة الحيوان. ونحن ملتزمون بمواصلة هذا التعاون لتطوير استراتيجيات فعّالة للوقاية والعلاج، ما يُسهم في حماية الثروة الحيوانية. وتواصل هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية العمل على تعزيز البحث العلمي وتطوير منظومة تشخيص الأمراض الحيوانية، ما يعزِّز دورها الريادي في دعم الجهود الدولية لمكافحة الأوبئة والأمراض الحيوانية».
واختتمت بقولها: «نحن ملتزمون بتوسيع نطاق التعاون إقليمياً ودولياً من خلال تبادل الخبرات، وتطوير برامج تدريبية مشتركة، والمشاركة في الأبحاث الميدانية، وتبنّي نهج (الصحة الواحدة)، ما يضمن صحة الثروة الحيوانية وتحقيق التنمية المستدامة».