حقَّقت مؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية إنجازاً تاريخياً لإمارة أبوظبي ولدولة الإمارات العربية المتحدة ببدء التشغيل التجاري للمحطة الرابعة ضمن محطات براكة للطاقة النووية، ما يعني تحقيق أحد أهداف المؤسَّسة المتمثّل في توفير كهرباء نظيفة ووفيرة لشبكة كهرباء الدولة.
وتعدُّ محطات براكة، أحد أنجح مشاريع الطاقة النووية الجديدة في السنوات الثلاثين الأخيرة، وهي نموذجاً عالمياً في الهندسة والعمل الجماعي الذي قاد إلى تحقيق هذا الإنجاز الكبير، ما يتماشى مع التزامات دولة الإمارات في عام 2008 بشأن تطوير الطاقة النووية وفق أعلى معايير السلامة والأمن والشفافية.
وتُنتج محطات براكة الأربع الآن 40 تيراواط/ساعة من الطاقة الكهربائية سنوياً، أي ما يصل إلى 25% من احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء من دون انبعاثات كربونية، وبذلك تصبح محطات براكة أكبر مساهم في خفض البصمة الكربونية في الدولة والمنطقة، ما يدعم التزامات الدولة المناخية لعام 2030، فهذه المحطات تمكِّن الدولة من تفادي إطلاق 22.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية كلَّ عام، أي ما يعادل إزالة 4.8 ملايين سيارة من الطرق سنوياً، وهذا يشكِّل 24% من التزامات الدولة بخفض البصمة الكربونية في عام 2030.
وتوفِّر محطات براكة عوائد اقتصادية كبيرة متعددة، حيث انخفض استهلاك الغاز الطبيعي لإنتاج الطاقة في أبوظبي إلى أدنى مستوى له منذ 13 عاماً، بسبب الإسهام الكبير لمحطات براكة في مزيج الطاقة في أبوظبي. وتؤدّي محطات براكة دوراً رئيسياً في مساعدة الشركات الإماراتية على خفض بصمتها الكربونية، ولا سيما أنَّ محطات براكة تسهم في إنتاج الطاقة اللازمة لـ85% من شهادات الطاقة النظيفة التابعة لشركة الإمارات للمياه والكهرباء، وتستخدم هذه الطاقة شركات «أدنوك» و«الإمارات العالمية للألمنيوم» و«حديد الإمارات أركان» في منتجات صديقة للبيئة يمكن بيعها بسعر أعلى، ما يوفِّر ميزة تنافسية فريدة للشركات في أبوظبي.
وأسهم إنشاء محطات براكة في تحفيز تطوير قطاع متقدِّم وجديد في دولة الإمارات، وتعزيز الدراسات المحلية في العلوم النووية، إلى جانب توفير فرص تعليمية وتدريبية للشباب الإماراتي، حيث شارك في تطوير المحطات حتى الآن أكثر من 2,000 من الكفاءات الإماراتية، إضافة إلى منح عقود للشركات المحلية تجاوزت قيمتها 22.5 مليار درهم (6.7 مليارات دولار)، ما أسهم في تعزيز القيمة المحلية المضافة.
وقال معالي خلدون خليفة المبارك، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الإمارات للطاقة النووية: «في عام 2008، اتخذت القيادة الرشيدة نهجاً مدروساً من خلال إصدار سياسة شاملة لتطوير الطاقة النووية السلمية في دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز جهودها في الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة. والآن مع التشغيل التجاري للمحطة الرابعة في براكة، تحققت هذه الرؤية، حيث تنتج محطات براكة الأربع 25% من احتياجات الدولة من الكهرباء، وهو ما يعزز المكانة الريادية للدولة فيما يتعلق بتطوير الطاقة النووية السلمية على مستوى العالم».
وأضاف معاليه: «تعد الطاقة النووية من القطاعات الجاذبة للصناعات العالمية التي تتطلب كميات ضخمة من الكهرباء.».
وقال سعادة محمد إبراهيم الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية: «نفخر في المؤسسة بهذا الإنجاز الكبير لدولة الإمارات العربية المتحدة، ونثمن الدعم المستمر من القيادة الرشيدة الذي مكننا من تطوير مصدر جديد للطاقة النظيفة في الدولة، والتي أضافت مزيداً من نصيب الفرد من الكهرباء النظيفة في السنوات الخمس الماضية على مستوى العالم أكثر من أي دولة أخرى، حيث تم إنتاج 75% من هذه الكهرباء من محطات براكة، وهو ما يؤكد على أن إضافة الطاقة النووية إلى مزيج الطاقة في الدولة إلى جانب المصادر المتجددة كان قراراً استراتيجياً، يعزز أمن الطاقة، ويرسخ الدور الريادي الإقليمي للدولة في هذا القطاع المتنامي».
وأضاف الحمادي: «أصبحت محطات براكة نموذجاً عالمياً جديداً، يؤكد على أن الطاقة النووية مجدية اقتصادية ويمكن تطويرها بكفاءة، حيث بدأت مرحلة التشغيل التجاري لمحطات براكة في غضون ثماني سنوات من بداية صب الخرسانة إلى تحميل الوقود، مع تسريع الجدول الزمني في المحطة الرابعة مقارنة بالأولى منذ بدء الجاهزية التشغيلية إلى التشغيل التجاري بنسبة 40%. كما أود أن أشكر فريق العمل الذي عمل بشكل متواصل لتطوير المعارف النووية التي مكنتنا من تحقيق هذا الإنجاز. وبفضل الخبرات التي لدينا الآن، أصبحت المؤسسة في وضع يمكنها من المضي قدماً نحو المرحلة التالية من النمو لتحقيق أهداف البرنامج النووي السلمي الإماراتي، بما في ذلك عقد الشراكات وتطوير المزيد من مشاريع الطاقة النووية الجديدة والاستثمار فيها محلياً وخارجياً، وهو ما يمثل نقلة نوعية لقطاع الطاقة النووية في الدولة».
وقال ناصر الناصري، الرئيس التنفيذي لشركة براكة الأولى، التابعة لمؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية والتي تُشرف على الشؤون المالية والتجارية لمحطات براكة: «تنتج محطات براكة اليوم ربع احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء على نحو موثوق وفعال، ما يوفر إمدادات مستقرة من الطاقة لمدة 60 عاماً ويحد من تقلبات الأسعار، وبالتالي فإن ذلك يجعلها منصة مهمة لمنتجي الطاقة في دولة الإمارات لبناء خططهم المستقبلية، وهو ما يسلط الضوء على إحدى الفوائد الرئيسية لمحطات الطاقة النووية الحديثة. وإلى جانب كونها أحد أعلى معدلات العائد على الاستثمار في الطاقة من بين مصادر الطاقة الأخرى، تضمن محطات براكة توفير عوائد كبيرة للأجيال القادمة».
وقال المهندس علي الحمادي، الرئيس التنفيذي لشركة نواة للطاقة التابعة لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية والمكلفة بتشغيل وصيانة محطات براكة: «انضمام المحطة الرابعة في براكة إلى المحطات الثلاث الأخرى يعد إنجاز تاريخياً يوفر الكهرباء النظيفة والموثوقة لدولة الإمارات. ونحن ملتزمون بمواصلة الالتزام باللوائح والمعايير كأولوية قصوى، مع التركيز بالكامل على التشغيل والصيانة على نحو موثوق وآمن سعياً لتحقيق التميز التشغيلي، حيث خضعت محطات براكة وفرق العمل إلى أكثر من 496 عملية تفتيش من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، و84 مراجعة من المنظمة الدولية للمشغلين النوويين، و15 مهمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما يدل على التزامنا بأعلى المعايير والتميز التشغيلي، وفقًا للوائح المحلية ومعايير السلامة العالمية. ولقد أصبحت محطات براكة نموذجاً عالمياً في قطاع الطاقة، وأشيد بكل من أسهم في هذه المسيرة».
ويأتي اكتمال التشغيل التجاري لمحطات براكة الأربع وسط تنامي الإدراك العالمي للدور المحوري للطاقة النووية في خفض البصمة الكربونية لأنظمة الطاقة وتحقيق الحياد المناخي، ولا سيما أنَّ وكالة الطاقة الدولية ترجِّح ارتفاع الطلب العالمي على الكهرباء بمعدل أسرع على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وبما يصل إلى 3.4% سنوياً حتى عام 2026. ويعزز هذا الإعلان من مكانة مؤسسة الإمارات للطاقة النووية ودولة الإمارات العربية المتحدة من ناحية الجهود الرامية إلى مضاعفة الطاقة النووية ثلاث مرات، وهو ما سيكون ضرورياً لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء النظيفة.
وفي مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخي (كوب 28) الذي استضافته دولة الإمارات العام الماضي، أطلقت 25 دولة، بما في ذلك دولة الإمارات، تعهُّداً بالعمل على مضاعفة الطاقة النووية ثلاث مرات على مستوى العالم بحلول عام 2050. وبارتفاع الطلب على الكهرباء، وخاصة بسبب الذكاء الاصطناعي، ومراكز البيانات، والمركبات الكهربائية، وأشباه الموصّلات، يتزايد الإدراك للدور الأساسي للطاقة النظيفة المستقرة والموثوقة التي توفِّرها الطاقة النووية في خفض البصمة الكربونية لأنظمة الطاقة وتحقيق الحياد المناخي.
وتعدُّ محطات براكة نموذجاً عالمياً لما يمكن تحقيقه عند الجمع بين سياسة الطاقة المدروسة والطموحة، والدعم الاستثماري، والإدارة الدقيقة، مع الالتزام بالمشاركة والتعلُّم من المجتمع الدولي، ويشمل ذلك توقيع أكثر من 100 مذكرة تفاهم مع 14 دولة. واكتسبت مؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية معارف وخبرات كبيرة خلال تطوير محطات براكة في غضون 8 سنوات منذ صب الخرسانة الأولى إلى تحميل الوقود، وهو ما يمكِّنها من تسريع تطوير مشاريع الطاقة النووية سواء داخل دولة الإمارات أو خارجها.