أعلنت مؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية عن إطلاق «البرنامج المتقدِّم لتكنولوجيا الطاقة النووية» بهدف تطوير أحدث التقنيات في هذا القطاع من أجل تعزيز المكانة الريادية لدولة الإمارات العربية المتحدة في تبني المبادرات المناخية، مع تولي دور أساسي في تسريع الانتقال إلى مصادر الطاقة الخالية من الانبعاثات الكربونية وتحقيق الحياد المناخي.
ويتضمن البرنامج تقييم أحدث التقنيات الخاصة بالمفاعلات المعيارية المصغَّرة والمفاعلات المتقدمة لتحديد التصاميم الملائمة التي تلبي الطلب المتزايد على تقنيات الطاقة المراعية للبيئة، مثل البخار والهيدروجين والأمونيا مع استخدام الطاقة الحرارية في القطاعات الصناعية في الدولة. وفي إطار هذا البرنامج، تتعاون مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، المكلفة بتطوير قطاع الطاقة النووية في الدولة، مع الشركاء المحليين لتحديد سبل تطوير هذه التقنيات، وكذلك مع الشركاء الدوليين لاستكشاف الفرص التكنولوجية والمشاريع المشتركة.
وفي «عام الاستدامة» لدولة الإمارات، سيدعم البرنامج تسريع عملية خفض البصمة الكربونية للصناعات الثقيلة والقطاعات التي تتطلَّب كمياتٍ ضخمةً من الطاقة، إلى جانب تطوير المزيد من مصادر الطاقة الخالية من الانبعاثات الكربونية باستخدام أحدث التقنيات، ما يسهم في الوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وتسهم الصناعات الثقيلة وقطاع النقل حالياً بنسبة 50% من إجمالي الانبعاثات الكربونية في دولة الإمارات وفق دليل العمل المناخي لوزارة التغير المناخي والبيئة لعام 2023. وتواجه هذه القطاعات بعض التحديات المتعلقة بخفض البصمة الكربونية لأنها تتطلب كميات كبيرة جداً من الطاقة، وينتج جزء كبير من انبعاثاتها من أنشطة لا تتعلق بشبكة الكهرباء. وتوفر المفاعلات المتقدمة والمفاعلات المعيارية المصغرة حلاً مبتكراً لخفض البصمة الكربونية لها، بوضع هذه المفاعلات في مواقع مشتركة تسهِّل عملية توفير الإمدادات المطلوبة من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية، بالإضافة إلى البخار والحرارة والهيدروجين، إلى جانب سهولة تصنيع المفاعلات المعيارية المصغرة التي تمتاز بمستوى عالٍ من الأمان والمرونة والفعالية مع قدرتها الإنتاجية الكبيرة.
ويبرز «البرنامج المتقدم لتكنولوجيا الطاقة النووية« الذي أطلق قُبيل استضافة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف (كوب 28) النهج العملي الذي تتبعه الدولة لتسريع مسيرة الانتقال إلى مصادر الطاقة الصديقة للبيئة من خلال تطوير أحدث التقنيات في هذا القطاع. ويدعم البرنامج نهج الدولة بتطوير أحدث التقنيات النووية، وتعزيز عوائد المنتجات الخالية من الانبعاثات الكربونية، ويعزز أنشطة البحث والتطوير والابتكار، ويسهم تنمية الثروة العلمية والفكرية في الدولة.
وقال سعادة محمد الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية: «تؤدي الطاقة النووية دوراً حيوياً في الوصول إلى الحياد المناخي، ونحن ملتزمون بمواصلة تقييم أحدث تقنيات الطاقة النووية وتطويرها لتحقيق أهدافنا المتعلقة بتسريع خفض البصمة الكربونية للقطاعات الصناعية التي يصعب فيها ذلك، والتي تتطلب كميات كبيرة من الكهرباء الصديقة للبيئة والحرارة والبخار».
وأضاف الحمادي: «يرتكز إطلاق البرنامج على الإنجازات الكبيرة التي تحققت في محطات براكة للطاقة النووية والخبرات الكبيرة المكتسبة، إذ تعمل مؤسسة الإمارات للطاقة النووية على تسخير تقنيات الطاقة النووية المبتكرة لتحقيق الأهداف المناخية لدولة الإمارات والانتقال إلى أنظمة الطاقة الخالية من الانبعاثات الكربونية، ولا سيما أن محطات براكة أصبحت أكبر مصدر منفرد للكهرباء الصديقة للبيئة في الدولة والعالم العربي».
واختتم الحمادي بالقول: «نقيم المطورين الرياديين للتقنيات المتقدمة في قطاع الطاقة النووية، ويسهم البرنامج في عملية اختيار أفضل التقنيات التي تلبي احتياجاتنا في دولة الإمارات، إلى جانب استكشاف المشاريع وفرص التعاون والاستثمار المشترك على المستوى الدولي، ونتطلع إلى العمل بشكل وثيق مع شركائنا الدوليين لتعزيز الاستخدام السلمي للطاقة النووية، ودعم الهدف العالمي المتمثل في مضاعفة القدرة النووية العالمية ثلاث مرات بحلول عام 2050».
وبصفتها داعم رئيسي لجهود دولة الإمارات لخفض البصمة الكربونية، أصبحت محطات براكة التي طورتها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، أقرب الآن إلى التشغيل بكامل طاقتها بعد إصدار الهيئة الاتحادية للرقابة النووية رخصة تشغيل المحطة الرابعة، حيث تنتج محطات براكة أكثر من 80% من الكهرباء الصديقة للبيئة في إمارة أبوظبي، وستنتج ما يصل إلى 40 تيراواط/ساعة سنوياً فور تشغيلها بكامل طاقتها في عام 2024، مع الحد من 22.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية كل عام.
وأصبحت محطات براكة نموذجاً يُحتذى به في مجال مشاريع الطاقة النووية الجديدة على مستوى العالم، وإحدى أكثر المشاريع كفاءة من حيث التكلفة والجدول الزمني. وتؤدي مؤسسة الإمارات للطاقة النووية دوراً ريادياً في الجهود الرامية إلى تطوير تقنيات المفاعلات المتقدمة، والمشاركة على المستوى الدولي في فرص الاستثمار المشترك.
ويأتي إطلاق البرنامج في وقت ترجح فيه التقارير أن يتضاعف الطلب العالمي على الكهرباء بحلول عام 2050، إلى جانب ظهور حقبة جديدة من الدعم الدولي للطاقة النووية بصفته حلاً موثوقاً لضمان أمن الطاقة واستدامتها، لأن العالم يحتاج إلى مضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية ثلاث مرات لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة الصديقة للبيئة وتحقيق أهداف الحياد المناخي من خلال تطوير واستخدام المفاعلات الحالية والمفاعلات المتقدمة والمفاعلات المعيارية المصغرة. ويوجد حالياً أكثر من 80 تصميماً للمفاعلات المعيارية المصغرة في مراحل مختلفة من التقدم، ويتوقع مطورو هذه التصميمات استخدامها تجارياً في أوائل ثلاثينيات القرن الحالي.