أصدرت دائرة التنمية الاقتصادية – أبوظبي، بالتعاون مع هيئة الأوقاف وإدارة أموال القُصَّر (أوقاف أبوظبي)، قراراً تنظيمياً بشأن تأسيس وترخيص شركات الوقف في إمارة أبوظبي، ما يدعم الجهود الرامية إلى حماية الشركات العائلية واستدامتها وتطوير الممارسات الوقفية، وتنظيم الشركات العائلية، إضافة إلى زيادة إسهام المؤسسات والهيئات غير الربحية (القطاع الثالث) في الناتج المحلي الإجمالي.
ويأتي القرار الأول من نوعه في دولة الإمارات في إطار جهود تنظيم قطاع الوقف، وتعزيز دوره في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، بالتزامن مع إعلان عام المجتمع 2025، تحت شعار «يداً بيد»، الذي يجسِّد رؤية صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، التي تقوم على تعزيز التنمية المستدامة والاقتصاد القائم على المعرفة والتكافل الاجتماعي.
ويعكس القرار التزام الحكومة بتوفير إطار تنظيمي متكامل يتبنّى الأولويات العالمية للتنمية المستدامة، ويُشجِّع على تعزيز مشاركة القطاعين العام والخاص في المبادرات الوقفية والخيرية وأساليب حماية الشركات العائلية. ويتسق القرار مع المادة 32 من القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2018 بشأن الوقف، والتي أفردت بنوداً متعلقة بوقف الشركات العائلية، إضافة إلى إدراج الشركة العائلية الوقفية ضمن قانون رقم 10 لسنة 2021 بشأن حوكمة الشركات العائلية في إمارة أبوظبي. ومن خلال تنظيم الهياكل الوقفية، يُمكِّن هذا القرار الشركات والمؤسسات والأفراد من الإسهام في قضايا ذات تأثير اجتماعي واقتصادي طويل الأجل، وتوفير سُبُل العيش الكريم لذرية الواقفين.
يُحدِّد القرار الإطار القانوني والتنظيمي لتأسيس شركات الوقف وإدارتها، متضمناً الأشكال القانونية المتاحة، والأنشطة المسموح بها، ومتطلبات الترخيص. ويشترط القرار الحصول على موافقة هيئة الأوقاف وإدارة أموال القُصَّر «أوقاف أبوظبي» على طلبات التأسيس، لضمان توافق أنشطة الشركات مع القوانين والتشريعات السارية وأهداف الوقف، مع مراعاة إرادة الواقفين.
ويُتيح القرار لشركات الوقف إدارة الأوقاف الخاصة، إلى جانب ممارسة أنشطة اقتصادية مكمّلة، مع أهمية أن تُسهم هذه الأنشطة في تنمية الأوقاف واستدامتها وتعظيم أثرها المالي والاجتماعي. ويُرسي آليات فعّالة للرقابة والإشراف على شركات الوقف.
وقال سعادة راشد عبدالكريم البلوشي، وكيل دائرة التنمية الاقتصادية – أبوظبي: «يؤدّي الوقف دوراً محورياً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية منذ عقود طويلة. ويأتي إصدار قرار تأسيس شركات الوقف وترخيصها في إمارة أبوظبي من أجل وضع الأُطُر الملائمة لتعزيز نمو هذا القطاع الحيوي وازدهاره، ما يتماشى مع رؤية أبوظبي التي تضع التنمية البشرية والاستدامة والشمول في صدارة أولويات خططها الاستراتيجية لتسريع النمو والتنويع الاقتصادي، وترسيخ اقتصاد المعرفة والابتكار».
وأضاف سعادته: «يُسهم تعاوننا مع هيئة الأوقاف وإدارة أموال القُصَّر (أوقاف أبوظبي) في ضمان تحقيق الأهداف المرجوّة من القرار، من حيث الإدارة الرشيدة والاستدامة والالتزام بأعلى مستويات الحوكمة والشفافية. ويُشكِّل إنشاء شركات وقفية خطوة مهمة لضمان استدامة مساهماتها، وتوفير منظومة متكاملة لنمو وازدهار هذه الاستثمارات النوعية عبر الأجيال في مختلف القطاعات الاقتصادية، مع المحافظة على أهداف التنمية المجتمعية التي تعمل على تحقيقها».
ويوفِّر القرار،مع الإرشادات والأدلة التفصيلية التي ستُضاف لاحقاً للشركات الوقفية، إطاراً رقابياً يضمن أعلى معايير الحوكمة والشفافية لصالح المؤسِّس والمستفيدين منها، ويشجِّع على الاستثمار في مجالات استراتيجية متعددة تشمل الصناعة والتعليم والتجارة والرعاية الصحية والزراعة والثقافة والتطوير الابتكار، ويُعزِّز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتحقيق الأهداف التنموية واستغلال الموارد بكفاءة.
وقال سعادة فهد عبدالقادر القاسم، المدير العام لهيئة الأوقاف وإدارة أموال القُصَّر (أوقاف أبوظبي): «يُسهم القرار الجديد في استراتيجية الهيئة في الموازنة بين الحاجة إلى تحقيق عائدات مجزية وإدارة المخاطر بحكمة عبر مختلف مجالات الاستثمار».
وأضاف سعادته: «يُمثِّل هذا القرار ثمرة التعاون البنّاء بين أوقاف أبوظبي ودائرة التنمية الاقتصادية – أبوظبي، ويهدف إلى توفير بيئة تنظيمية تُشجِّع الاستثمار في الأوقاف وتُعظم أثرها الاجتماعي والاقتصادي، وتُسهم في استدامة الشركات العائلية واستمرارية أثر المؤسِّسين وقيمهم للأجيال اللاحقة، ويوفِّر لهم الحياة الكريمة، ما يُلبّي تطلُّعات الواقفين ويُحقِّق رؤية القيادة الرشيدة، في تجسيد حقيقي لمفهوم التكاتُف الذي يعكسه عام المجتمع تحت شعار (يداً بيد)».
وأوضح سعادته: «يُعَدُّ تشريع الشركات الوقفية خطوة متقدِّمة ضمن مسار الابتكار في العمل الوقفي، حيث يُقدِّم نموذجاً جديداً وأشكالاً مرنة للأوقاف تتماشى مع مستجدات الزمان والمكان، ويعكس الرؤية الحكيمة لقادتنا وتوجيهاتهم الرشيدة نحو تحقيق الاستدامة، بما يخدم الأجيال المقبلة، إذ يسمح القرار للواقف بتأسيس شركة خاصة مستقلة كوقف، وتُدار الأموال الموقوفة بطرق احترافية من خلال الاستفادة من قوانين الشركات التجارية والأدلة والممارسات الرائدة في التطوير والإدارة».
يشمل القرارُ تنظيمَ أنواعٍ مختلفةٍ من شركات الوقف، مثل الشركات الوقفية الذرية أو (الأهلية)، أو الشركات الوقفية الخيرية، والشركات الوقفية المشتركة. ويسمح القرار بإدارة الحصص والأسهم الوقفية في الشركات التجارية، على أن يُضمَّن ذلك في عقود التأسيس وفقاً للتشريعات السارية.
ويتيح القرار للواقف أيضاً تضمين بنود عقد تأسيس الشركة وفق إشهاد الوقف، ما يضمن التزام الشركة بأهداف الوقف وشروطه وإرادة الواقف المؤسِّس، ويتيح القرار خيارات ومرونة عالية لدى المؤسِّس أو الواقف سواء في الهيكل الإداري أو التنظيمي الحالي أو المستقبلي للشركة، إضافة الى توجيه الأرباح والمنافع إلى مصارف محدّدة، سواء كانت خيرية أو ذرية أو مزيجاً بينهما.
ويؤكِّد هذا القرار التزام حكومة أبوظبي بترسيخ الشفافية والحوكمة وتشجيع الاستثمار في قطاع الأوقاف عنصراً حيوياً يدعم التنمية الشاملة. ويُتوقَّع أن يُسهم القرار في استقطاب مزيدٍ من الاستثمارات لقطاع الأوقاف، ويُعزّز دوره المحوري في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية المُستدامة في إمارة أبوظبي، ما يتماشى مع أهداف التنويع الاقتصادي للدولة ورؤيتها للنمو المستدام.
يُذكَر أنَّ هيئة الأوقاف وإدارة أموال القُصَّر (أوقاف أبوظبي) أطلقت ذراعها الاستثمارية الجديدة، شركة «أوقاف كابيتال»، في شهر ديسمبر 2024. وتأتي هذه الخطوة الاستراتيجية بهدف توظيف رأس المال في مختلف فئات الأصول، مستفيدةً من الموقع الاستراتيجي لأبوظبي كحلقة وصل بين الأسواق العالمية، ما يُعزِّز مكانة الإمارة عاصمة عالمية لرأس المال والاستثمارات.