تعهد ممثلو ثماني دول اليوم بتعزيز الجهود اللازمة لوقف انتشار " مرض دودة غينيا " ــ الطفيلي المُعدي ـــ والقضاء عليه جذرياً بحلول عام 2030. وذلك في إطار الجهود الدؤوبة لاستئصال مرض دودة غينيا الذي يعد أحد الأمراض المدارية المهملة.
وكان عدد من الوزراء وكبار المسؤولين قد دعموا " إعلان أبوظبي للقضاء على داء دودة غينيا " الذي يؤكد ضرورة اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير اللازمة، ليكون هذا المرض المداري المهمل، الأول الذي يتم استئصاله بعد القضاء على مرض الجدري خلال عام 1980.
وخلال الاجتماع الذي عقد في " قصر الوطن " أكد مسؤولون من تشاد وإثيوبيا وجمهورية مالي وجنوب السودان وأنغولا و السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية والكاميرون ، التزامهم المطلق بدعم الإعلان.
وكان الاتفاق على " إعلان أبوظبي " قد جرى رسمياً في ختام " القمة العالمية للقضاء على داء دودة غينيا 2022 " التي استمرت على مدار ثلاثة أيام .. فيما نظمت بالتعاون بين " مركز كارتر " و" مبادرة بلوغ الميل الأخير " التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالتعاون مع عدد من الجهات الداعمة.
وشهدت القمة المنعقدة خلال الأسبوع الجاري التزام كبار الشخصيات من البلدان التي عانت من آثار المرض في الماضي إضافة إلى الدول الشريكة بهدف تقديم الدعم إلى الدول التي ما يزال المرض قائماً فيها..كما جددت الدول والمنظمات المانحة تعهداتها بدعم الحملة.
وشهد إعلان الدعم كل من معالي الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان وزير دولة وجايسون كارتر رئيس مجلس إدارة مركز كارتر والدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس مدير عام منظمة الصحة العالمية إلى جانب الدعم من المعهد العالمي للقضاء على الأمراض المعدية " غلايد " وشركة بيور هيلث.
يذكر أن عدد الإصابات بمرض دودة غينيا بلغ خلال عام 2021 في أربعة بلدان 15 حالة فقط .. وفي عام 1986، تولى مركز كارتر قيادة حملة للقضاء على المرض واستئصاله إذ قدرت عدد الإصابات بحوالي 3.5 مليون حالة سنوياً موزعة في 21 دولة.
وبهذه المناسبة قال معالي الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان وزير دولة : "حققنا إنجازاً كبيراً وتقدماً ملحوظاً ضمن مساعينا للقضاء على مرض دودة غينيا، بفضل التزام مركز كارتر وشركائه في أنحاء جميع العالم وسنتابع مسيرتنا حتى استئصال المرض كاملاً."
وأضاف معاليه : " إنه خلال هذا الأسبوع استضافت أبوظبي رواد الحملات العالمية للقضاء على الأمراض المعدية، وذلك لتجديد الالتزام المشترك، ووضع الأسس الممنهجة للوصول إلى الميل الأخير والقضاء على المرض".
وقال "نفخر بأن نواصل الاستثمار في إرث مؤسس دولتنا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان " طيب الله ثراه" الذي كان يؤمن بضرورة الوقاية من الأمراض حفاظاً على صحة أفراد المجتمع وسلامتهم..ونحن نتطلع إلى تحقيق هدفنا المنشود وبلوغ الميل الأخير والقضاء على داء دودة غينيا".
وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان القائد المؤسس لدولة الإمارات قد استضاف الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في دولة الإمارات خلال عام 1990 لأول مرة..وقدم الرئيس كارتر خلال الاجتماع شرحاً حول مبادرته في مجال القضاء على مرض طفيلي يؤثر على حياة الملايين من أفراد المجتمع في جميع أنحاء إفريقيا وآسيا..وقد استجاب المغفور له الشيخ زايد بتقديم دعم كبير لصالح مركز كارتر، والذي رسخ التزام القيادة الحكيمة في دولة الإمارات بالقضاء على المرض لأكثر من 30 عاماً.
ويتطلع مركز كارتر الذي أسسه الرئيس الأسبق كارتر وزوجته روزالين قبل حوالي 40 عاماً، للاستفادة من الزخم الكبير الذي تحقق في مجال مكافحة المرض ومتابعة مسيرته المظفرة.
من جانبه قال آدم فايس مدير برنامج استئصال دودة غينيا في مركز كارتر : " لقد لاحظنا انخفاضاً كبيراً في أعداد الإصابات البشرية وإصابات الحيوانات خلال العام الماضي، لذلك نود أن نقدم المساعدة اللازمة للدول الشريكة من أجل مواصلة التقدم..ونحن بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد والعمل من أجل تحقيق استئصال المرض، لذلك فإن هذا الالتزام يأتي في الوقت المناسب والمطلوب".
من جهته قال الدكتور تيدروس : " لقد قطعنا أكثر من 99% من الطريق نحو التخلص من مرض دودة غينيا حتى تصبح جزءاً من الماضي..أضحى هدفنا قريب للغاية لكننا بحاجة إلى التزام سياسي بلا أي تهاون مع الإخلاص بالعمل ومشاركة مزيد من المتطوعين في القرىوالاعتماد على الموارد المالية المستدامة لإنهاء المهمة وضمان حياة الأجيال القادمة وخلوها من هذا المرض الخطير".
وتهدف القمة إلى تسليط الضوء على المساعي التي تبذلها دولة الإمارات .. إضافة إلى تأمين الالتزامات الجديدة من الدول الأخيرة التي ينتشر فيها مرض دودة غينيا وهي (أنغولا، وتشاد، وإثيوبيا، ومالي، وجنوب السودان)، والدول التي حصلت على شهادة المصادقة (جمهورية الكونغو الديمقراطية، والسودان إلى جانب الكاميرون وهي دولة متأثرة بالعدوى بمرض دودة غينيا عبر الحدود.
ونظراً لأن الجزء الأخير من أي حملة استئصال للمرض تعد الأصعب والأكثر تكلفة فقد تم تخصيص موارد كبيرة للقضاء على مرض دودة غينيا، وجددت الدول والمنظمات المانحة تعهداتها بتقديم الدعم اللازم للحملة.
بدوره قال جايسون كارتر رئيس مجلس الأمناء في مركز كارتر وحفيد مؤسس المركز : " جمعت الصداقة المتينة بين جدي والشيخ زايد وشكلا تحالفاً قوياً لمواجهة مرض دودة غينيا..واستمرت هذه الشراكة المثمرة إلى ثلاثة أجيال ونأمل أن تستمر حتى بعد القضاء على مرض دودة غينيا ".
ويعد مرض دودة غينيا من الأمراض الخطيرة، حيث إنه يؤدي إلى التسبب بالإعاقة للمصابين لفترة طويلة من الوقت، وهذا ما يجعلهم غير قادرين على رعاية أنفسهم أو العمل أو الزراعة لإعالة أسرهم أو حتى الذهاب إلى المدرسة..وينتقل المرض عن طريق شرب مياه ملوثة برقات دودة غينيا..وبعد حوالي عام، تسبب دودة غينيا التي تصل إلى مرحلة البلوغ آفة مؤلمة في الجلد وتظهر ببطء..وقد يعمد المصابون إلى تخفيف آلامهم عن طريق غمر أطرافهم في الماء ولكن هذا الأمر يؤدي إلى تحفيز الدودة لإطلاق يرقاتها وتجديد دورة العدوى.