تحت رعاية سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثِّل الحاكم في منطقة الظفرة، أعلن مركز أبوظبي للغة العربية أسماء الفائزين بالدورة الثانية من جائزة سرد الذهب 2024، التي تهدف إلى تكريم رواة السِّيَر والآداب والسرود الشعبية محلياً وعربياً، ودعم وإثراء فنون السرد القصصي بأسلوب يُبرز القيم والعادات والتراث المحلي، ويسلِّط الضوء على فنون الحكاية الشعبية والسردية الإماراتية، والإنتاجات المُلهمة في هذا المجال.

واستقبلت الجائزة 1,213 ترشيحاً لفروعها الستة من 34 بلداً منها 19 بلداً عربياً، وبنسبة نمو بلغت 23% في حجم المشاركات، مقارنة بالنسخة الأولى للجائزة في العام 2023، التي تلقَّت 983 مشاركة.

وقال سعادة سعود عبدالعزيز الحوسني، وكيل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: «نُثمِّن مستوى الأعمال المتميز والملهم، الذي يؤكِّد عمق الموروث الثقافي الخاص بالسرود وفن الحكاية الشعبية ورواية الأساطير في الوجدان الشعبي، عبر ما يحمله من ترسيخ لتاريخ المجتمع بأسلوب محبّب يتأصل في الذاكرة الوجدانية للمجتمع، ما يعزِّز مكانة الجائزة بوصفها حاضنة حصينة لاستمرار هذا المَعلم التراثي الغني، ونقله إلى الأجيال المقبلة، عبر الاحتفاء بالأعمال التراثية الغنية والإبداعية، ودعم أصحابها، وهو ما يجسِّد رؤية أبوظبي الثقافية».

وقال سعادة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: «يعكس مستوى الإقبال على جائزة سرد الذهب المكانة الفريدة التي تمثِّلها فنون السرد في البنية الثقافية العربية، والرغبة الكبيرة لدى المشتغلين بهذا الفن الأصيل في وجود منبر يرعى هذه الإبداعات ويسهم في استعادة مكانتها وتمديد أثرها للأجيال الجديدة، لتضيف من إبداعاتها الجديد المبتكر، وهو ما حقَّقته جائزة سرد الذهب بفروعها المتنوعة، التي جاءت ضمن منظومة المبادرات المتكاملة التي يديرها مركز أبوظبي للغة العربية لتعزيز حضور اللغة العربية وثقافتها وآدابها، وتمكين استدامتها بوصفها أبرز مكوّنات الهُوية الثقافية ضمن مسيرة التنمية الفريدة وفق رؤية القيادة الرشيدة».

وقال علي عبيد الهاملي، رئيس اللجنة العليا للجائزة: «استطاعت الجائزة أن تجتذب أرفع التجارب والأعمال في مجالات فنون السرد الشعبي والحكاية الشعبية والسرد البصري، وأن ترسِّخ مكانتها حاضنةً لهذا النوع من التراث الوجداني المتأصِّل في نفوس الأجيال، باعتباره خزاناً لتراثها الحضاري والتاريخي، وتمكَّنت اللجنة عبر معايير الحوكمة الرائدة من اختيار الفائزين في ظل منافسة كبيرة وتقارب في مستويات الأعمال المشاركة»، موضِّحاً أنَّ اختيار الفائزين تمَّ بناءً على أعلى معايير النزاهة والجدية والتنافسية والشفافية في التقييم، بعد التأكُّد من مدى تحقيق أعمالهم لأهداف الجائزة، واتساقها مع أصالة فنون السرود الشعبية بمختلف أشكالها.

وفازت قصة «غرف يجري من تحتها الناس»، للكاتب العراقي ياس الفهداوي، بالمركز الأول عن فرع القصة القصيرة للأعمال السردية غير المنشورة، بعد أن نجحت في معالجة قضايا معاصرة بأسلوب سردي رفيع بعيد عن الإسفاف والمباشرة، وتوظيف تقنيات سردية مهمة لتنظيم الفن القصصي؛ أبرزها تقنية «الغُرف» لتطلَّ من كلِّ غرفة على مضمون جديد وشائق، بأسلوب رصين تبلغ من خلاله ذرواتها الفنية عبر رؤى نقدية ساخرة، ولغة شعرية، ورمزية شفيفة، وعجائبية مشوّقة. ​

وفي فرع القصة القصيرة للأعمال السردية المنشورة، فازت المجموعة القصصية «الحَكَّاء الأخير في هذا الزمان»، للكاتب عبدالرحمن عباس من السودان، والصادرة في العام 2023 عن دار روافد للنشر والتوزيع، لما تميَّزت به من عمق وجِدَّة وبراعة في التجريب. ونجح الكاتب بأسلوب مؤثِّر ومدهش في توظيف الحكاية الشعبية والخيال المحلِّق؛ ليرسم نصوصاً مفعمة بالأسئلة الوجودية والتأمُّل الفلسفي، مستلهماً تراثاً أسطورياً متعدِّد المشارب، واستطاع ببراعة - عبر التحليق بجناح الفانتازيا – أن يطرح أسئلة كونية وإنسانية كبرى حول الموت والحياة والفقد والأسى والمصير الإنساني، ونجح الكاتب في نسج هذا العالم الغرائبي بلغة رمزية صوفية شفّافة، قادرة على خلْقِ نصٍّ غنيٍّ متعدّد الدلالات.

وحصدت «الحكايات الشعبية البحرينية، ألف حكاية وحكاية» للدكتورة ضياء عبدالله خميس الكعبي من البحرين، والصادرة عن المؤسَّسة العربية للدراسات والنشر، المركز الأول ضمن فرع السرود الشعبية، لما يمثِّله هذا الكتاب من أهمية توثيقية للذاكرة الشعبية في مملكة البحرين، من خلال ما جمعه من مادة حكايات غزيرة، تُقدَّم للمرة الأولى، ولما تضمَّنه من جهد بحثي أكاديمي في مجال العمل الميداني، محافظاً على تعدُّد لهجات الرواة، وتدقيق النصوص، وشرح المفردات.

وفاز العمل الفني التشكيلي «عنترة وعبلة» للفنان شوبّر من العراق، بالمركز الأول عن فرع السرد البصري، لقدرة العمل، المنتمي للممارسات الفنِّيَّة المعاصرة، على بثِّ روح الذّاكرة التراثية والمنمنمات الإسلاميَّة، عبر استلهام شخصيتي عنترة وعبلة، واستلهام فن الترقيم والمنمنمات من مقامات الحريري، بما تمثِّله هذه الرموز من قيمة فنية تراثية. وقد صيغ العمل بصورة حداثية تجمع بين الأصالة والمعاصرة، في إدراج هذه الفنون داخل تفاصيل الحياة اليوميَّة الرّاهنة، مستفيداً من الحسِّ الشَّعبي السَّاخر لفن (البوب آرت) المعاصر، في تمرير أسئلته ورسائله الأصيلة لهذا الزّمان، ضمن عمل ملهم وجاذب.

وفي فرع الرواة حصد «عبيد بن صندل« من دولة الإمارات المركز الأول، تقديراً لدوره كأحد الرواة البارزين، وتكريماً لجهوده الرائدة في الحركة الثقافية في الدولة، من خلال الانشغال الجاد المبكر بالبحث والتوثيق في عدد كبير من مجالات التراث الشعبي، وإثراء المكتبة العربية بعدد وافر من المؤلفات التي أضاءت الطريق للباحثين والقُرّاء في مجالات عدة، منها الحكايات والألعاب الشعبية، والأهازيج والألغاز والأمثال والأشعار والمأثورات، ولإسهاماته المهمة في إثراء الحركة المسرحية الإماراتية تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً، ورفدها بذخائر من التراث الشعبي، ولدوره الكبير في نقل الخبرة للشباب، وتكوين أجيال جديدة من المبدعين والباحثين المهتمين خلال مسيرة عمله الطويلة والمستمرة.

وحصل الأكاديمي والباحث «روي كاساغراندا» من الولايات المتحدة الأمريكية، على المركز الأول في فرع السردية الإماراتية، لجهوده في إبراز قيم استئناف الحضارة والمثاقفة والتواصل الحضاري، وتناوله العميق لكيفية انتقال العلوم من الحضارة العربية إلى الحضارات الأخرى، وانطلاقه في كتاباته ومحاضراته وأبحاثه من القيم التي تحرص عليها الجائزة، والتي تدعم التسامح والتعايش بين الأديان والأمم والشعوب لبناء الحضارة الإنسانية واستئناف مسيرتها، بعيداً عن الأفكار المتحيِّزة وغير العلمية.

ويُقام حفل تكريم الفائزين بجائزة سرد الذهب، في حصن الظفرة في ديسمبر 2024.